للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} (١) ومنه قول لبيد (٢):

ألَا كلُّ شيء مَا خَلا الله باطلُ

وقد قال له عثمان (٣) بن مظعون رضي الله عنه وهو ينشد: "صدقتَ". ثم قال:

وكلُّ نعيمٍ لا مَحَالةَ زَائلُ

فقالَ له: "كَذبتَ، إن نعيم الجنة لا يزول" (٤).

وليس المراد بقوله {مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} وبقوله تعالى {لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} و {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} هو الحركة، فإنهم كانوا يتحركون، والكواكب متحركة، بل الأفلاك التي فيها الكواكب متحركة. و"زال" يُستعمل لازمًا ويُستعمل ناقصةً من أخواتِ "كان"، فيقال في اللازم: زال يزول زوالاً، كما في قوله تعالى (أَن تَزُولا) و (مَا لَكم من زَوَال (٤٤)) و {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}. ومنه: زالت الشمسُ تزولُ زوالاً. وليس المراد بزوالها حركتها، فإنها لا تزال متحركةً في رأي العين منذ تطلع إلى أن تغرب. ولا يقال إنها زالت إلاّ إذا انحطَّت عن غاية الارتفاع، فإذا ارتفعت على رءوس الناس كان غايةُ ارتفاعها، وهو قَبْلَ الزوال، ثُمَّ إذا


(١) سورة فاطر: ٤١.
(٢) ديوانه: ٢٥٦.
(٣) في الأصل "لعثمان"، وهو خطأ، فقد كان المنشد لبيدًا، وعلَّق عليه عثمان.
(٤) الخبر في "سيرة" ابن إسحاق (ص ١٥٨ - ١٥٩)، و"سيرة" ابن هشام (١/ ٣٧٠) و"البداية والنهاية" (٤/ ٢٢٧ - ٢٢٨).