للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حُرِّمَ فيهما ربا النَّسَاءِ لما فيه من الضرر كما تقدم، ولو أُبِيحَ ربا الفضل، مثل أن يبيعوا دراهمَ بدراهمَ أكثر منها، مثل أن يكون محتاجًا إلى دراهم خفافًا وأنصَافًا ومكسَّرةً فيشتريها، فلا يبيعه الصيرفي إلا بفضل باقٍ يأخذ منه من الصحاح أكثر من وزنها= صار ذلك تجارةً في الثمن، ومتى اتَّجروا فيها نقدًا تذرَّعوا إلى التجارة فيها نسيئةً. ولو أبيحت التجارة في الأثمان مثل أن يبيع دراهم بدراهم إلى أجل، لصارت الدراهم سلعةً من السلع، وخرجت عن أن تكون أثمانًا، فحرم فيها ربا الفضل، لأنه يُفضِي إلى ربا النَّسَاء، وربا النَّسَاء فيها يَضرّ وإن اختلفت بالصفات، لأنه يُخرِجها عن أن تكون أثمانًا.

وإذا وقعت فيها التجارة قصدت صفاتها، فيقصد كلُّ واحدٍ ادخارَ ما يرتفع ثمنُه في وقت، كما يصنعون بالدراهم إذا كانت نقودًا ينقون خيارها، وكما يصنعون بالفلوس أحيانًا. وهذا كلُّه مما نُهِي عنه في الأثمان، فالأثمان المتساوية متى جُعِلَ بعضُها أفضلَ من بعضٍ حصلَ الفسادُ، بل لابدَّ أن لا تُقصَد لأعيانها، بل يُقصَدُ التوسُّلُ بها إلى السِّلَع. والناس كلُّهم يشتركون في التوسّل بها، وهي دائرة بين الناس بمنزلة العلامة، ولهذا في بعض البلاد يتخذون أثمانًا من نوع آخر، وهذا معنًى معقولٌ في الأثمان مختصٌّ بها، فلا يتعدّى إلى النحاس والحديد والقطن والكتَّان؛ فإنه لا فرقَ بين تلك وبين غيرها، بل المطعومات أشرف منها.

وأما الأصناف الأربعة فالناس محتاجون إلى القُوتِ، كالأصناف