وأبو حنيفة استثنى العقار؛ لأنه مضمون عنده بالعقد إذا كان لا ينقل ويحول، ولو باع الشقصَ المشفوع من شخصٍ، ثم باعه من شخصٍ جاز، وإن أخذه الشريك بالشفعة انفسخت تلك العقود. وهذا فيه توالي ضمانات متعددة.
ومالك وأحمد في رواية يخصّ النهي بالطعام لشرفه، لكن إذا كانت العلة أنه ربح من غير تجارة فجميع السلع سواء.
وأحمد في المشهور عنه يقول: إن المعيَّن يدخل في ضمان المشتري بتمكنه من قبضه، سواء قبضه أو لم يقبضه، ومع هذا يقول في إحدى الروايتين ــ وهي التي اختارها الخِرقي ــ: إنه لا يبيعه حتى ينقله. فالقبض عنده قبضانِ: قبضٌ ينقل الضمان، وقبضٌ يبيح البيع، فالصُّبرة إذا لم ينقلها هي من ضمانه لأنها معينة، ولا يربح فيها حتى ينقلها. وغَلَّة الثمار هي مضمونة على البائع إذا أصابتها جائحة، ويجوز للمشتري أن يبيعها على الشجر في ظاهر مذهبه إذا خُلِّي بينه وبينها. فهنا قبضانِ: قبضٌ لا يبيح البيع والربح، وقبضٌ ينقل الضمان.
وهذا كالمنافع في الإجارة، هي مضمونة على المؤجر حتى يستوفي، خلّي بين المؤجر وبين المستأجر، فإذا قبض المستأجر العين كان كقبض الشجرة التي عليها ثمرة، ثم كلاهما إذا تلف قبل التمكن من الانتفاع فهي من ضمان البائع والمؤجر، فالموجب لانتقال الضمان هو تمكن المشتري من الانتفاع، وأما البيع فيجوز إذا أخذها، لأنه عمل