للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الائتمام ما لا يسوغ له أن يفعله منفردًا، كالمسبوق إذا أدرك الإمامَ راكعًا كبَّر وركع معه، واعتدَّ له بالركعة، وإن أدركه ساجدًا كبَّر وسجَد معه، ولم يَعتدَّ له بها، ثم إنه يتشهَّدُ عقيب الأوتار، ولو فعل ذلك منفردًا عمدًا سجد بالاتفاق. وكذلك لو سَها المأموم دون الإمام لم يسجد لسهوه، ولو سها إمامه دونَه سجد لسهوِه لأجل المتابعة.

وقد تنازع العلماء فيما إذا صلى باجتهاده فترك ما هو واجب عند المأموم، أوفعلَ ما هو محرم عند المأموم، كالشافعي والحنبلي على قولٍ، فصلَّى خلف المالكي الذي لا يقرأ البسملة، أو المالكي والشافعي إذا خرج منه دمٌ ولم يتوضأ، فصلَّى خلفه حنفي أو حنبلي يرى الوضوء من ذلك، [وأمثال] (١) هذه المسائل. فهذا إذا تيقَّنه المأموم ففي صلاته قولانِ مشهوران للعلماء، والنزاع في ذلك في مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة. وأما مذهب مالك فما أعلم فيه نزاعًا أنه يصح الصلاة خلفه. وهذا هو الصحيح المشهور عن أحمد في مسائل الاجتهاد التي تعارضت فيها النصوص. وكذلك الشافعي، وقد ثبت عنه أنه كان يصلي خلف المالكية، وهو يعلم أنهم لا يقرأون البسملة، وأبو يوسف صلَّى خلف هارون الرشيد، وقد احتجم وأفتاه مالك أنه لا يتوضأ.

وقد دلَّ على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه


(١) هنا بياض في الأصل بقدر أربع كلمات.
(٢) برقم (٦٩٤) عن أبي هريرة.