قال:«يصلُّون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم». فصرَّح أن الإمام إذا أخطأ كان خطؤه عليه دون المأموم. وغاية هذه المسائل أن يكون الإمام فيها مخطئًا، وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن خطأه عليه دون المأموم.
وبهذا يظهر الجواب عن قولهم:«إن المأموم يعتقد بطلانَ صلاة الإمام، فإذا علم بطلانَ صلاتِه كانت صلاتُه خلفه كالصلاة خلفَ من لا صلاة له، كالمحدِث المتعمد الصلاة مع حدَثِه». فإن هذا القياس خطأ وذلك أن المأموم يعلم أن الإمام مجتهد، إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وخطؤه مغفورٌ له، وإذا كان يعلم أنه لا إثمَ عليه فممتنعٌ أن يعتقد بطلانَ صلاته. وإن كان هو يرى بطلان صلاة نفسه، كما أنه لو فعل ما يعلم تحريمه أو ما يرى وجوبه، قدحَ ذلك في دينه وعدلِه، ولو فعل ذلك من هو مجتهد يسوغ له الاجتهاد لم يقدح ذلك في دينه وعدله.
وأما أكثر من يترك واجبًا في نفس الأمر أو يفعل محرمًا في نفس الأمر، ولم تكن قد قامتْ عليه الحجةُ، فلا يثبت في حقِّه حكم الوجوب والتحريم؛ لأن الله يقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥].
ولو قيل لهذا المأموم: أنت تقول في هذا الإمام: «إن صلاته باطلة، بمنزلة من صلَّى بغير وضوءٍ وهو يعلم ذلك بخبثِه وفسقِه»، فيقول: لا. ويقال له: هو مأجور على هذه الصلاة مُثابٌ عليها، قد برئت ذمته من