للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنهم يوعظون بالصيام والإطعام، كما يوعظون بالإعتاق. والوعظ أمر ونهيٌ بترغيب وترهيب، فهم يوعظون بالتحريم قبل التكفير، أي يُنهَون به ويُزجَرون به عن الظهار، فإن الظهار محرَّم بالنص والإجماع، فإذا علم المتظاهر أن المرأة تحرم عليه إلى أن يكفر، كان ذلك مما يَعِظُه، فينهاه ويزجُره أن يتظاهر منها.

وأيضًا فإنه قال بعد ذلك: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) (١)، والحدود هي الفاصلة بين الحلال والحرام، والحدُّ إمّا آخر الحلال وإما أول الحرام، فلهذا قيل في الأول: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا) (٢)، وقيل في الثاني: (فَلا تَقْرَبُوهَا) (٣). وقد قال بعد ذلك: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ)، فعلم أن هنا محرم له حد، وقوله "وتلك" إشارة إلى ما تقدم كله، فلو كانت لا تحرم إلاّ إذا كانت الكفارة طعامًا لم يكن هنا حد، بل كانت حلالاً كما كانت، فلم يكن هناك حد يُنهَى عن تعدِّيه أو قربانه.

وأيضًا فقوله (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) إن كان تقديره: "من قبل أن يتماسا" فقد اتفقت الكفارات، وثبت أنها محرمة قبل التكفير بالأنواع الثلاثة، وإن لم يكن هذا تقديرَه، بل قوله "فإطعام ستين مسكينًا" إيجابٌ للإطعام، لم يُعلَم متى يجب الكفارة بالإطعام، فإنه لم يقل: "فإطعام ستين مسكينًا بعد التماس".

فإن قيل: يجب إذا وطئها.

قيل: ليس في الآية ما يدل على ذلك، ليس فيها ما يدل على أن


(١) الآية ٤.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٣) سورة البقرة: ١٨٧.