للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا حصل لك الدعاء الذي هو سؤال الله حاجاتك، فتسأله ما تنتفع به، وتستعيذ به مما تستضرُّ به، كان هذا من أعظم نعم الله عليك.

[وهذا] كثيرًا ما يحصُل بالمصائب؛ [لأمرين] (١):

* أما الأول، فإن المصيبة يَرِقُّ معها القلبُ ويخشع، وتَذِلُّ النفسُ، فتنقاد لفعل المأمور وترك المحظور.

وأما مع حصول الرياسة، والمال، والعافية في النفس والأهل، فإن

{الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦ - ٧]، والنفس حينئذٍ لا تستجيبُ لفعل المأمور وترك المحظور، بل تتعدَّى الحدود، وتنتهك المحارم، وتضيِّع الواجبات الباطنة والظاهرة، من الإخلاص، والتوكُّل، والصبر، والشكر، وحقوق الرب عز وجل (٢) وحقوق عباده، ويحصل لها من الاستكبار، والخيلاء، والإعجاب، والرياء، ما هو من أضرِّ الأمور بها.

* وأما الثاني، فلأن المصيبة توجبُ قطعَ تعلُّق قلبه بالمخلوق إذا أيِسَ [من] زوالها بالمخلوق، كالمرض الذي أعيا الأطبَّاء، والفقر الذي لم يرجُ (٣) معه أحدًا يزيله، والخوف الذي ليس فيه نصرٌ لمخلوق (٤).

والنفسُ تطلبُ جلبَ المنفعة ودفعَ المضرَّة من حيث ترجو ذلك، ولو


(١) ما بين المعقوفات زيادات تقديرية لالتئام السياق.
(٢) سقطت الجملة من الأصل، واستدركتها من نسخة المحمودية (ق ٣٠/أ).
(٣) الأصل: "يرجوا".
(٤) كذا في الأصل، أي: نصرٌ من مخلوق.