للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهرة من المال والعافية والانتصار على العدوِّ تَبْسُط (١) هوى النفس، فيحصُل لها [من] العدوان والطغيان، والظلم والفواحش، والإعراض عما يجب عليها لله من حقيقة العبودية، والإخلاص له، والتوكُّل عليه، والخوف منه، والإنابة إليه = ما هو من أعظم الضرر في حقِّها.

فإن لم يصبر في السَّرَّاء وإلا هَلَك.

والصبر في السَّرَّاء أعظمُ الصَّبْرَين، كما قال عبد الرحمن بن عوف: "ابتُلِينا بالضرَّاء فصبرنا، وابتُلِينا بالسرَّاء فلم نصبر" (٢).

وقال بعض العارفين: "البلاء يصبر عليه المؤمن، ولا يصبر على العافية إلا كلُّ صدِّيق" (٣).

وإذا ابتُلِي بمصيبةٍ ظاهرةٍ فعليه الشكر، كما قد بسطنا الكلام فيه، وهو أعظمُ الشُّكريْن.

والشكر في الضرَّاء واجب، وأما الشكر في السرَّاء والصبر في الضرَّاء فوجوبُه ظاهرٌ لعموم الناس.

وإنما المقصود أنه لا بدَّ من الشكر والصبر في كلِّ حال، وهذا يكون على وجهين:

* أحدهما: أنه في الحال الواحدة يُبتلى بنعمةٍ توجبُ شكرًا، ومحنةٍ


(١) مهملة مشتبهة في الأصل.
(٢) أخرجه هناد في "الزهد" (٢/ ٣٩٧)، والترمذي (٢٤٦٤) وقال: "هذا حديثٌ حسن"، وخرجه الضياء في "المختارة" (٣/ ١٢٣).
(٣) انظر: "قوت القلوب" (١/ ٣٣١)، و"الإحياء" (٤/ ٦٩).