للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توجبُ صبرًا.

والعبد في كلِّ حالٍ هو في نعم الله التي توجبُ الشكر، وهو محتاجٌ إلى الصبر على فعل المأمور مع مخالفة هواه، وترك المحظور مع مخالفة هواه، والصبر على المقدور مع جزَع النفس.

وليس للعبد حالٌ إلا وهو مأمورٌ فيها بفعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور.

وهذه الثلاثة فرضٌ على كلِّ أحد، محتاجٌ إليها في كلِّ وقت، ولا يكون العبد من المؤمنين المتقين إلا بها، والناس يتفاضلون في هذا بحسب تفاضلهم فيها، وبها يصير العبد من أولياء الله المتقين، وجنده المفلحين، وحزبه الغالبين.

* والثاني: أن نفس الأمر الواجب يتضمَّن نعمةً توجبُ شكرًا، أو يتضمَّن ألمًا يوجبُ صبرًا، فعليه أن يكون في ذلك الأمر الواحد صابرًا شاكرًا، كالذي يشرب الدواء الكَرِيه، فعليه أن يصبر على مرارته، ويشكر الله إذ يسَّر له ما يزيلُ عنه مرضه.

والله تعالى محمودٌ على كلِّ حال، وفي الحديث: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه الأمرُ الذي يُسَرُّ به قال: الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، وإذا أصابه الأمرُ الذي يكرهُه قال: الحمد لله على كلِّ حال" (١).


(١) أخرجه ابن ماجه (٣٨٠٣)، والطبراني في "الأوسط" (٦٦٦٣) وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وصححه الحاكم (١/ ٤٩٩)، والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (٣/ ١٩٢)، وجوَّد إسناده النووي في "الأذكار" (٣٢٠)، وليس كذلك، فإنه من رواية زهير بن محمد التميمي، وفي حديث أهل الشام عنه مناكير، وهذا منها.
وروي مرسلًا من وجه آخر. أخرجه أبو داود في "المراسيل" (٥٣٢)، وقال: "روي متصلًا، وفيه أحاديث ضعاف، ولا يصح".
وله شواهد من حديث علي وابن عباس وأبي هريرة - رضي الله عنهم -، لا يصحُّ منها شيء، والقول فيه ما قال أبو داود - رحمه الله -.