للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهودُ هذا للقلب يدفعُ عنه العُجْبَ بها، والفخر، ونحو ذلك مما يحصلُ بإضافة ذلك إلى النفس.

وفي الحديث الصَّحيح عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أوحِيَ إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحد" (١).

وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: ١٨].

والناسُ في هذا المقام أربعُ طبقات (٢):

* فخيرُ الناس: أهلُ الإيمان المحض، الذين يشهدون نعمة الله في الطاعة، ويشهدون ذنوبهم في المعصية، كما في الحديث الصَّحيح الإلهيَّ: "يا عبادي، إنما هي أعمالُكم أحصيها لكم، ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَه" (٣).

* وشرُّ الناس: الذين يشهدون أنفسَهم فاعلةً للطاعات، ويشهدون المعاصي أنها من القَدَر، فيضيفونها إلى الله، كما قال بعض العلماء: "أنت عند الطاعة قَدَرِيٌّ، وعند المعصية جَبْرِيٌّ، أيُّ مذهبٍ وافق هواك تمذهبتَ به" (٤).

والأولون إذا عملوا طاعةً لله عزَّ وجلَّ، أو أحسنوا إلى أحدٍ من خلقه،


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٥) من حديث عياض بن حمار - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٨/ ١٠٧، ٣٣٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.
(٤) القول لابن الجوزي في "المدهش" (٢٦٤)، ولفظه: "أنت في طلب الدنيا قدريٌّ، وفي طلب الدين جبريٌّ، أي مذهب وافق غرضك تمذهبت به". ونسبه إليه شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٨/ ٤٤٦، ١٦/ ٢٤٨).