للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرُه.

وهذا لو أمكن طردُه لكان مذهبًا يقال، وهو دون مذهب القدريَّة، لكنه لا يمكنُ طردُه، ولم يذهب إليه طائفةٌ من بني آدم، وإنما هو في الإرادات والأعمال من جنس السفسطة في الاعتقادات والأقوال، وهو أمرٌ يَعْرِض لكثيرٍ من الناس، بل للإنسان (١) في كثيرٍ من أحواله، وليس هو مذهبًا يصيرُ إليه (٢) طائفةٌ من بني آدم.

وذلك أن الإنسان مجبولٌ على حبِّ ما ينفعُه وبغض ما يضرُّه، فما يمكن أن يستوي عنده جميعُ الحوادث المقدَّرة، حتى يكون الخبزُ والترابُ عنده سواء، والبولُ والماء عنده سواء، ومن يعطيه ما يحتاجُ إليه و [من] يمنعه ما يحتاجه عنده سواء؛ فإن هذا ممتنعٌ عقلًا وطبعًا، كما هو مذمومٌ عُرفًا وشرعًا (٣).

وإذا كانت الأعمال الصالحة من أعظم نعم الله، فكلما كان العملُ أفضلَ كانت النعمةُ به أتمَّ.

والجهادُ سنامُ العمل، كما في حديث معاذٍ المعروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة، وذروةُ سنامه الجهادُ في سبيل الله" (٤).


(١) الأصل: "الإنسان".
(٢) الأصل: "عليه". والمثبت أقوم.
(٣) انظر: "الرد على البكري" (٧٤٧)، و"مجموع الفتاوى" (٨/ ١٠٦، ١٤/ ٣٥٦).
(٤) أخرجه أحمد (٢٢٠١٦)، وابن ماجه (٣٩٧٣)، والترمذي (٢٦١٦) من حديث أبي وائل عن معاذ - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: "حديثٌ حسنٌ صحيح"، وأعله ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (٢/ ١٣٥) من وجهين.

وروي من وجوه أخرى عن معاذ - رضي الله عنه -. انظر: "العلل" للدارقطني (٦/ ٧٣)، و"إرواء الغليل" (٢/ ١٣٨).