للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تظالَموا" (١).

فهذا الضربُ لا هم مع قَدَرٍ ولا شرع، بل هم مع هواهم، يَمْدَحون من القَدَر والشرع ما وافق هواهَم، ويَذُمُّون ما خالف هواهم، وهؤلاء شرارُ الخلق، ومن سلَكَ طريقتَهم فطَرَدَها قادته إلى الانسلاخ من دين الإسلام، بل إلى ما هو شرٌّ من حال اليهود والنصارى.

* وأما الطبقة الثالثة (٢): فهم الذين ينظرون إلى الشرع لهم وعليهم، ولا ينظرون إلى القَدَر، يتحرَّون فعلَ الحسنات وتركَ السيئات، لكن يُضِيفون هذا وهذا إلى أنفسهم، ومن آذاهم انتَصَفُوا منه، ولم يجعلوا ذلك مما ابتلاهم الله به.

وهذا مذهبُ القدريَّة، وكثيرٌ من الناس حالُه حالُهم، وإن لم يكن اعتقادُه اعتقادَهم.

وهؤلاء مطيعون لله عزَّ وجلَّ في امتثال أمره، لكنهم عاصون لله في ترك الإيمان بقَدَرِه، والصبر على ما ابتلاهم به، فيفوتُهم من طاعة الله التي أمرهم بها، من الإيمان بالقَدَر، والصبر على أذى الخلق، ما لا يعلمُه إلا الله تعالى، ويقعون في أنواعٍ من الذنوب والمعاصي بهذا السبب.

* وأما الطبقة الرابعة (٣): من (٤) ينظر إلى القدر فيما يفعله هو ويفعله


(١) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.
(٢) رسمت كلمة "الثالثة" في الأصل رقمًا، هكذا: "الطبقة ٣". ولعله من الناسخ.
(٣) رسمت كلمة "الرابعة" كذلك في الأصل رقمًا.
(٤) جواب "أما".