للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قال الفقهاء: إذا حَضَر (١) العدوُّ بلدًا وجب الجهادُ على كلِّ أحدٍ، حتى يغزو العبد بدون إذن سيده، والولدُ بدون إذن والده، والمرأة بدون إذن زوجها، والغريمُ بدون إذن غريمه.

وأما الصلواتُ الخمس، فإن أمكن الجمعُ بينها وبين الجهاد، كما في صلاة الخوف في غير وقت القتال، فلا مزاحمة بينهما، فيجبُ فعلُهما جميعًا؛ فإن الصلاة عمود الدين، وهذا ذروة سنامه، فلا يقوم أحدُهما إلا بالآخر.

وإن ازدحما، كما في وقت المُسَايَفَة، ففيه ثلاثة أقوالٍ للفقهاء (٢):

أحدها: أنه يجمع بينهما، فيصلي صلاةً خفيفةً مع قتاله. وهذا قولُ أكثرهم، كمالك، والشافعي، وأحمد في أشهر الروايتين عنه.

والثاني: أنه يُخَيَّر بين تقديم الصلاة وتأخيرها بحسب المصلحة. وهذا هو الرواية الثانية عن أحمد، وقول طائفةٍ من الفقهاء.

واحتجَّ هؤلاء بما ثبت في الصَّحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأصحابه: "لا يصلِّينَّ أحدٌ العصرَ إلا في بني قريظة" (٣)، فأدركتهم الصلاة في الطريق، فصلى بعضهم في الطريق، وقالوا: لم يُرِد منا تفويتَ الصلاة، وبعضهم قال: لا نصلي إلا في بني قريظة، فأخَّروها حتى غربت الشمس، فبلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم


(١) مهملة في الأصل. وانظر لترجيح إعجامها: شرح الزركشي على الخرقي (٦/ ٤٢٨)، و"الإنصاف" (٤/ ١١٨).
(٢) انظر: "المغني" (٣/ ٣١٦)، و"جامع المسائل" (٣/ ٣٢٨، ٥/ ٣٥٣، ٦/ ٣١٧).
(٣) أخرجه البخاري (٩٤٦)، ومسلم (١٧٧٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.