للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعَنِّف (١) واحدةً من الطائفتين.

فقال هؤلاء: هذا دليلٌ على جواز تقديمها في الوقت، وتأخيرها عنه، عند الضرورة.

والقول الثالث: أنه يؤخِّرها عند المُسَايَفَة إلى أن تنقضي المُسَايَفَة، ثم يصلِّيها ولو بعد الوقت، كما هو مذهب أبي حنيفة.

واحتجُّوا بتأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم الأحزاب، فصلَّى العصر بعد ما غربت الشمس، وقال: "ملأ الله قبورَهم وبيوتَهم نارًا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس" (٢).

ومن نصَر القول الأول قال: هذا منسوخٌ بقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآية [البقرة: ٢٣٨]، وأن هذه الآية نزلت بعد ذلك لمَّا أخَّر صلاة العصر، ولهذا قال عقيبها: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}.

وبهذا يجيبون عن تأخير من أخَّرها إلى بني قريظة، يقولون: هذا كان قبل الفتح والأمر بالمحافظة [على الصلاة] وقت الخوف.

وطائفةٌ من الفقهاء أجابوا عن هذا بجوابٍ آخر، وقالوا: إن التأخير كان باجتهادهم، فلم يُعَنِّفهم؛ لأن المجتهد المخطئ لا إثم عليه.

وكذلك يقول من قال: كان فرضُهم تأخيرَها، يقول: لم يَذُمَّ المتقدِّمين، لأنهم كانوا مجتهدين.


(١) في طرة الأصل: "يَعِب". وفوقها خـ، إشارة إلى أنها كذلك في نسخة أخرى.
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٣١)، ومسلم (٦٢٧) من حديث عليٍّ - رضي الله عنه -.