للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس معنى الشَّرط في قولهم: الطهارة شرطٌ في صحة الصلاة، بل معناه في الطلاق وبابه: أنه إذا وُجِد الشَّرطُ الذي قد تسمِّيه الفقهاءُ "صفة", وهو الدخول مثلًا، وُجِد المشروطُ الذي هو الجزاء, وهو وقوع الطلاق.

وهذا التعليقُ يدخل فيه ألفاظ الوعد والوعيد، وألفاظ الجَعَالة، وألفاظ الأدلَّة المسمَّاة بالتلازم أو بالشَّرطيِّ المتصل ونحو ذلك.

فمدلول هذه العبارات أن وجود الشَّرط سببٌ لوجود الجزاء، ولستُ أعني أنه مؤثِّرٌ في وجوده في الخارج، ولكن أعني أن وجود الشَّرط مستلزمٌ لوجود الجزاء، سواءٌ كان علَّةً له، أو معلولًا لعلَّته، أو دليلًا على وجوده، أو مُضايِفًا له، أو ملازمًا غير مُضايِف، أو غير ذلك.

فالأول كقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] , و {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩] , و {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١] , و {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا} [يونس: ٨٤].

والثاني أقلُّ منه، كما يقال: إن كان هذا من أهل الجنة فهو مؤمنٌ بالله، وإن كان هنا دخانٌ فهنا نارٌ، وفي هذا بحثٌ ليس هذا موضعه.

والثالث كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في امرأة هلال بن أمية المُلاعِنة: "إن جاءت به على نعت كذا فهو لهلال، وإن جاءت [به] على نعت كذا فهو للذي رُمِيَت به" (١)؛ فإن مشابهة الولد للرجل معلولٌ لكونه هو أحبَل


(١) أخرجه أحمد (٢١٣١)، وأبو داود (٢٢٥٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأصله في البخاري (٤٧٤٧).