للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثلًا أو الفقه، لا علَّة غيرها، وهي منتفية.

ويقول الفقهاء: إذا قال لامرأته: إن كلَّمتِ أسودًا فأنت طالق، فكلَّمت أبيض = لم تَطْلُق؛ أي: لانتفاء العلَّة، وهي مقتضيةٌ لعدم المعلول، فإنَّا ما تكلَّمنا إلا في انتفاء الطلاق الواقع بهذه العلَّة.

ثم هنا مسألة مفهوم الشَّرط، إذا قيل: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]، هل يُشْعِر عدمُ هذا الشَّرط اللفظيِّ الذي هو سببٌ معنويٌّ بعدم المشروط؟ وفيه الخلاف المشهور, والجمهور على أنه يدل على عدمه (١). ولا ريب أن عدم هذا الحكم المعلق بالشَّرط ينتفي؛ لأن بقاء عين الحكم بدون علةٍ محال.

لكن هل ينتفي النوع؟ فالذي يجبُ القطعُ به أن نوع الحكم لا يكون حالُه بعد انتفاء السبب المعيَّن وقبل انتفائه سواءً، ومتى فُرِض استواء الأمرين على مذهبٍ عُلِم بطلانه، لكن يدلُّ على نفي النوع دلالةً ظاهرة، بشرط أن لا يَخْلُفَه (٢) سببٌ آخر.

ثم إن كان السببُ الخالِف جزءًا من المخلوف كان ضعيفًا؛ فإن الأعمَّ إذا كان مستقلًّا بالحكم كان الأخصُّ عديمَ التأثير، كما في قوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، فإن كونه واحدًا جزءٌ من كونه فاسقًا، فلو كان التبيُّن واجبًا عند مجيء الواحد سواء كان عدلًا أو فاسقًا لم يعلَّق التبيُّنُ بكونه فاسقًا الذي هو الأخصُّ من كونه واحدًا.


(١) انظر: "المسوَّدة" (٦٩٣)، و"مجموع الفتاوى" (١٦/ ١٥٩).
(٢) الأصل: "يتخلفه". تحريف.