فهذا الاستدلال بعدم العلَّة لفظًا أو معنًى على عدم المعلول.
وقد يُجْعَل عدمُ العلَّة المعيَّنة دليلًا على ثبوت المعلول بعلةٍ أخرى أكملَ منها أو مثلها، وذلك إذا كانت العلَّتان متعاقبتين على محلٍّ، فعدمُ إحداهما مستلزمٌ لثبوت الأخرى، وثبوتُها مستلزمٌ للمعلول، فيصيرُ عدمُ العلَّة المعيَّنة مقتضيًا للمعلول، لكن بهذه الواسطة، وهي واسطةُ ثبوت العلَّة الأخرى.
ومن هنا يزول الإشكالُ في باب "لو" و"لولا"، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وكذلك إذا كانت العلَّتان مجتمعتين في المحلِّ.
فالأول كما لو وصَّى الميت لوارثه، فإنه يقال: لو لم يُوصِ له لمَلَكَه بالإرث. وكما لو ألقى رجلًا من شاهقٍ في بحرٍ، فتلقَّاه آخرُ بسيفٍ فقَدَّه،
فإنه يقال: لو لم يَقُدَّه لمات. فيضافُ الموتُ إلى عدم القَدِّ، لا مستلزمًا للغَرَق (١).
ومَثَل الثاني: إذا سُئلتَ عن لحم خنزيرٍ ميِّتٍ، فتقول: لو لم يكن خنزيرًا لحَرُم. فتجعل عدم كونه خنزيرًا مستلزمًا للتحريم، لأنه ميِّت.
فهذا الكلام في دلالة ثبوت العلَّة وانتفائها.
وأما دلالة المعلول، فإنَّ عدم المعلول مستلزمٌ لعدم العلَّة التامة قطعًا، ويدلُّ على عدم العلَّة المقتضية إذا عُلِم أن الانتفاء لم يكن لوجود مانعٍ ولا