للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعدم، فإذا كانت الشتيمةُ تنتفي مع وجود الشَّتم فمع العدم أولى.

فإذا كانت "لو" تستعملُ على هذه الوجوه الثلاثة، فإن جعلناها حقيقةً في البعض فقط، أو في كلِّ معنًى بخصوصه، لزم الاشتراكُ اللفظيُّ أو المجازي، وهما على خلاف الأصل، فالواجب أن تُجْعَل حقيقةً في المعنى المشترك بين مواردها، وهو تعليقُ أمرٍ بأمر، مع الدلالة على انتفاء الشَّرط، ثم ثبوتُ الجزاء أو انتفاؤه يُعْلَمُ من خصوص الموارد (١)، ولا يدلُّ اللفظ عليها، مع أن الغالب عليها في الاستعمال انتفاء الجواب؛ لما قدَّمته من أن انتفاء العلَّة (٢) يُشْعِرُ بعدم المعلول كثيرًا أو غالبًا.

إذا تحرَّر هذا، فنقول: "لولا" و"لو لم" هي "لو" مع حرف النفي، فلهذا قالوا: المثبت بـ "لو" منتفٍ بـ"لولا" و"لو لم"، والمنتفي بـ"لو" منتفٍ بـ"لولا" و"لو لم".

وهذا أجودُ من قول من قال: المثبت بعد "لو" منتفٍ، والمنتفي بعدها مثبت، والمثبت بعد "لولا" منتفٍ، والمنتفي بعدها مثبت؛ فإن "لولا" كما قدَّمتُه تنفي الشَّرط، ولا تنفي الجزاء إلا بتوسُّط الاستدلال على عدم العلَّة بعدم المعلول، وهذه دلالةٌ عقليةٌ لا لفظية، ولها شروط، كما قدَّمتُه، و"لولا" و"لو لم" تقتضي ثبوت الشَّرط بعدها، وإنما ينتفي الجزاء بتوسُّط ثبوت علَّته التي هي المانع، كما سنبيِّنه.

فإذا قيل: "لولا جاء زيدٌ لجاء عمرو" أفاد تعلُّق الثاني بعدم الأول،


(١) الأصل: "المواد". تحريف.
(٢) الأصل: "اللغة". تحريف.