للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإشارة إلى بعضها تاركين التفصيل لموضع آخر.

لقد كانت كتب التفسير إلى القرن السادس خالية من الإشارة إلى فكرة الأبدال، فلا نجد لها ذكرًا عند الطبري والبغوي وابن عطية وابن الجوزي وغيرهم في تفاسيرهم، حتى جاء القرطبي في القرن السابع فنقل في تفسيره (١) عن بعض العلماء في تفسير قول الله تعالى (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّه النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) أن المدفوعَ بهم الفسادُ هم الأبدال! ثم ذكر بعض ما ورد من الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة، وسكت عنها.

وجاء بعده السيوطي، فسَرَد هذه الروايات في تفسيره (٢) دون نقد وتمحيص، ففتح المجال لغيره من المفسرين أن يوردوها، ويفسروا بعض الآيات القرآنية بها، ويتكلموا على القطب والأبدال وغيرهما بأدنى مناسبة (٣).

ولم يكن قد اشتهر عند شرّاح الحديث والمشتغلين به إلى زمن الحافظ ابن حجر الكلام على القطب والأبدال ومراتب رجال الغيب كما هي عند الصوفية -وإن وُجد عند أبي جمرة في "بهجة النفوس" شيٌ من ذلك-؛ بل كانوا يقتَصرون على رواية الأحاديث الواردة في هذا الباب بأسانيدها ليبرءوا من عهدتها، أو نقدها وتضعيفها وبيان عللها. وجاء المتأخرون فسردوا هذه الروايات دون نقدها


(١) "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ٢٥٩).
(٢) "الدر المنثور" (١/ ٧٦٥ - ٧٦٧)
(٣) انظر مثلاً "روح المعاني" للآلوسي (٦/ ٩٤ - ٩٥، ١١/ ١٧٨، ٢٢/ ١٩ - ٢٠).