للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتمحيصها، وادعوا صحَّتها وتواترها، وتلقَّوها بالقبول، ثم تكلموا على شرحها وبيان معانيها بالاستناد إلى أقوال الصوفية، ويكفي أن نذكر هنا كمثال: المناوي (١) وملاّ علي القاري (٢)، اللذين قرَّرا ما قاله الصوفية، ونقلا عنهم نصوصًا غريبة في أثناء شرح الحديث دون استنكار أو تعليق.

أما كتب الفقه والفتاوى فنذكر منها نص فتوى الشيخ زكريا الأنصاري (الملقب بشيخ الإسلام لدى الشافعية)، لما سُئِل عن شخصٍ ادعى أن القطب ليس له وجود في زمن من الأزمنة، ولا ثَمَّ شيءٌ في الوجود يقال له القطب، هل هذه الدعوى صحيحة أو لا؟ فأجاب بأن القطب موجود في كل زمان، كلَّما مات قطبٌ أقام الله مقامه آخر، نفعنا الله ببركتهم. وهذا أمر مشهور، والمنكر لذلك محروم من بركة الأقطاب، معترف بأن منّة الله بلقائهم لم تواجهه. وليته إذا فاته الوصول إليها لا يفوته الإيمان بها (٣).

هذا نصّ كلامه الذي يُقرِّر فيه وجودَ القطب في كل زمان، وأن منكره محروم من بركته، وعليه أن لا يفوت الإيمان به إن لم يُقدَّر له الوصول إليه!!

وذكر ابن حجر الهيتمي (٤) أنه كان في مجلس الشيخ محمد


(١) "فيض القدير" (٣/ ١٦٧ - ١٧٠).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٥/ ١٨١ - ١٨٣).
(٣) "العناية والاهتمام بجمع فتاوى شيخ الإسلام" ص ٣٨١.
(٤) "الفتاوى الحديثية" ص ٣٢٥.