للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والميزان منزلان فلا يجوز أن يتناقض الكتاب والميزان، فلا تتناقض دلالة النصوص الصحيحة ولا دلالة الأقيسة الصحيحة، ولا دلالة النص الصحيح والقياس الصحيح. وإنما يكون التناقض بين الحق الصحيح والباطل الذي ليس بصحيح، فأما الصحيح الذي كله حق فلا يتناقض، بل يصدّق بعضه بعضًا (١).

وقال في موضع آخر (٢): إن الأحكام الشرعية كلها بينتها النصوص أيضًا، وإن دلّ القياس الصحيح على مثل ما دلّ عليه النص دلالة خفية. فإذا علمنا بأن الرسول لم يُحَرِّم الشيء ولم يُوجِبْه علمنا أنه ليس بحرام ولا واجب، وأن القياس المثبت لوجوبه وتحريمه فاسد.

وذكر في فتوى أخرى (٣) في هذا الموضوع أن الصواب الذي عليه جمهور أئمة المسلمين أن النصوص وافية بجمهور أحكام أفعال العباد، ومن أنكر ذلك لمِ يفهم معاني النصوص العامة التي هي أقوال الله ورسوله، وشمولها لأحكام أفعال العباد. ثم مثّل بلفظ "الخمر" و"الميسر" و"الربا" و"الأيمان" وغيرها، فقال عن الخمر إنها تناولت كل مسكر، فصار تحريم كل مسكر بالنصّ العام والكلمة الجامعة لا بالقياس وحده، وإن كان القياس دليلاً آخر


(١) انظر ص ٢٧٢.
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ٢٣٦).
(٣) نشرت في "مجموعة الفتاوى الكبرى" (١/ ٤١٠ - ٤١٥)، وعنها في "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٨٠ - ٢٨٩).