للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أئمتهم الذين يقتدون بهم في دينهم. ومعلوم أن هؤلاء لا يكونون إلا قليلًا، فكيف يقال: هم كثير؟.

والثاني: أن الأمر بالجهاد والصبر لا يختصُّ بهؤلاء، والصحابة لم يكونوا كلهم ربانيين، فيقولون: أولئك أُعطُوا علمًا منعهم [من] الخوف.

الثالث: أن استعمال لفظ "الربِّي" في هذا ليس معروفًا في اللغة، بل المعروف الأول. والذين قالوا ذلك قالوا: هو نسبة إلى الربّ بلا نون، والقراءة المشهورة: "رِبِّيّ" بالكسر، وما قالوه إنما يتوجَّه على قراءة من قرأ "ربيُّون" بالفتح، وقد قُرِئَ "رُبّيُّون" بالضم. فعُلِمَ أنها لغات.

الرابع: أن الله تعالى يأمر بالصبر والثبات كلَّ من يأمره بالجهاد، سواء كان من الربانيين أو لم يكن.

الخامس: أنه لا مناسبة في تخصيص هؤلاء بالذكر، وإنما المناسب ذكرهم في مثل قوله: (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) (١)، وفي مثل قوله: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) (٢)، وهناك ذكرهم بلفظ الربانيين.

السادس: أن "الرباني" قيل: منسوب إلى الربّ بزيادة الألف والنون، كالرقباني واللحياني، وقيل: إنه منسوب إلى ربَّان السفينة. وهذا أصحّ، فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة، لأنهم منسوبون إلى


(١) سورة المائدة: ٦٣.
(٢) سورة آل عمران: ٧٩.