للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميِّتٍ يموتُ فيقومُ باكيهم فيقول: واجَبَلاه! واسنداه! أو نحو ذلك إلا وُكِّلَ به ملكان يَلْهَزَانِه أهكذا أنت؟ ". قال الترمذي: حديث حسن غريب.

وفي سنن أبي داود (١) أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لنسوةٍ في جنازةٍ: "ارجعنَ مأزوراتٍ غيرَ مأجوراتٍ، فإنكنّ تَفْتِنَّ الحيَّ وتُؤذِيْنَ الميتَ".

فهذا ونحوه هو تعذيب الميت بالنياحة. والحيُّ في الدنيا قد يُعذَّب بما يراه ويسمعه ويَشَمُّه من أمورٍ منفصلةٍ عنه، وهو التعذيب الذي يلحق من جنس سائر ما يلحقه من هولِ الفتنة والضغطة وهول القيامة وغير ذلك من أنواع الآلام. والكلام في هذا مبسوط في غير هذا الموضع (٢).

وأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب، ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم" (٣) وأشار إلى لسانه، فهذا أيضًا حق، وهذا كقوله: "ما كان من اليد واللسان فمن الشيطان، وما كان من العين والقلب فمن الله" (٤). والميت إنما يعذّب بما نُهِيَ عنه لا بما أبيح له، ولهذا جاء مفسَّرًا أنه النياحة، وهو البكاء بالمدّ، فإن من الناس من يقول: البكاء بالمدّ هو الصوت، وأما بالقصر فهو الدمع، زيادة اللفظ كزيادة المعنى، ويُنشدون:


(١) لم أجده فيه، وقد أخرجه ابن ماجه (١٥٧٨) والبيهقي (٣/ ٧٧) من حديث علي، وهو ضعيف. انظر الكلام عليه في "الضعيفة" (٢٧٤٢).
(٢) انظر "مجموع الفتاوى" (٢٤/ ٣٦٩ - ٣٧٨).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق.