للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا إله إلا هو سبحانه، وما سواه ليس بإلهٍ، لكن المشركون عبدوا معه آلهةً، وهي أسماءٌ سَمَّوها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان، كما يُسمِّي الإنسانُ الجاهلَ عالمًا، والكاذبَ صادقًا، ويكون ذلك عنده لا في نفس الأمر. وهؤلاء آلهة في نفوس المشركين بهم ليسوا آلهةً في نفس الأمر. ولهذا كان ما في قلوبهم من الشرك هو إفكًا، قال الله تعالى عن إبراهيم: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦)) (١)، وقال أيضًا: (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا) (٢)، وقال: (هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) (٣)، وقال هود لقومه: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠)) (٤).

والموحِّد صادق في قوله "لا إله إلا الله"، وكلَّما كرَّر ذلك تحقَّق قلبه بالتوحيد والإخلاص، وكذلك قوله "الله أكبر"، فإنه تعالى كل ما يخطر بنفس العباد من التعظيم فهو أكبر منه، الملائكة والجن والإنس، فإنه أيّ شيء قُدّر في الأنفس من التعظيم كان دون الذي هو متصف به، كما أنه سبحانه فوق ما يُثنِي عليه العباد، كما قال أعلمُ الناس به: "لا أحصِي ثناء عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك" (٥).

فكلَّما قال العبد "الله أكبر" تحقَّق قلبُه بأن يكون الله في قلبه أكبر


(١) سورة الصافات: ٨٥ - ٨٦.
(٢) سورة العنكبوت: ١٧.
(٣) سورة الكهف: ١٥.
(٤) سورة هود: ٥٠.
(٥) أخرجه مسلم (٤٨٦) عن عائشة.