للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو قال: إن القرآن في المصاحف كما أنّ محمدًا في التوارة والإنجيل؛ فهذا أيضًا مخطئ ضال، فإن القرآن كلام الله، والكلام (١) نفسه يكتبُ في المصحف بخلاف الأعيان، فإنه إنما يُكتَب اسمها وذكرها، فالرسول مكتوب في التوارة والإنجيل ذكره ونعته وكتابة المسميات (٢)، كما أنّ القرآن في زُبُر الأوَّلين، [وكما أنّ أعمالنا في الزُّبُر، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء:١٩٦]] (٣)، وقال: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} [القمر: ٥٢].

فمحمد مكتوب في التوارة والإنجيل، كما أنَّ القرآن في تلك الكتب، وكما أن أعمالنا في الكتب، وأما القرآن فهو نفسه مكتوب في المصاحف، ليس المكتوب ذكره والخبر عنه، كما يكتب اسم الله في الورق، ومَنْ لم يفرِّق بين كتابة الأسماء والكلام وكتابة المسميات والأعيان ــ كما جرى لطائفة من الناس ــ فقد غلط غلطًا سوَّى فيه بين الحقائق المختلفة، كما قد يجعل مثل هؤلاء الحقائق المختلفة شيئًا واحدًا [ق ٣٣] كما قد جعلوا جميع أنواع الكلام معنى واحدًا.

وكلامُ المتكلِّم يُسمع تارةً منه وتارةً من المبلِّغ عنه، فالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لما


(١) الأصل: «وكلام». وفي الفتاوى: «القرآن كلام والكلام ... ».
(٢) «وكتابة المسميات» ليست في (ف).
(٣) ما بين المعكوفين مستدرك من (ف).