للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمدينة، ولم يكن ذلك ليلة المعراج؛ فإنَّ المعراج كان بمكة.

وقد اتفق السلف [ق ٤٨] والأئمة على أن المؤمنين يرون الله بأبصارهم في الآخرة، وفي عَرَصات القيامة، وفي الجنة. واتفقوا على أن أحدًا من البشر لا يرى الله بعينه في الدنيا، لم يتنازعوا إلا في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. والذي عليه الأئمة والأكابر من السلف أنه لم يره بعينه في الدنيا أحدٌ، وقد ثبت في «صحيح مسلم» (١) وغيره عن أبي ذر أنه قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل رأيت ربَّك؟ فقال: «نور أنى أراه؟». وما يذكره بعض الناس من أنه قال لأبي بكر: «رأيته»، وقال لعائشة: «لم أره» (٢) = فهو من الأكاذيب التي لم يروها أحد من علماء الحديث، بل اتفقوا على أنَّ ذلك كذب. وثبت في «صحيح مسلم» (٣) وغيره عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «واعلموا أنّ أحدًا منكم لن يرى رَبَّه حتى يموت».

وأما رؤية (٤) جبريل بعينه منفصلًا (٥) عنه يقظة؛ فهذا مما نطق به الكتاب والسنة واتفق عليه المسلمون، وإنما ينازع في ذلك المتفلسفة القائلون بأن جبريل هو خيال يتخيل في نفسه، أو أنه العقل الفعَّال، ويقولون: إن هذا لا يمكن رؤيته بالعين، وهذا القولُ كفرٌ بالأنبياء،


(١) رقم (١٧٨).
(٢) وانظر «جامع المسائل»: (١/ ١٠٥) للمؤلف.
(٣) كتاب الفتن، باب ذكر ابن صياد رقم (١٦٩).
(٤) الأصل: «رأية» والصواب ما أثبت.
(٥) الأصل: «متفصلا» تصحيف.