للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: أنه لا يصوم إلا مع الناس ولا يفطر إلا مع الناس، وهذا أرجح الأقوال. ومن رجح الاستحباب زعم أن هذا القول أقيس الأقوال، فإن ما شُكَّ في وجوبه لم يجب، لكن يستحب فيه الاحتياط، كما لو شك في وجوب الزكاة أو الحج أو الكفارات أو الطهارة أو غير ذلك؛ فإن الاحتياط فيما شك في وجوبه مشروع وليس بواجب، ولكن مالك يوجب الطهارة إذا شك هل أحدث، والجمهور يستحبون الطهارة ولا يوجبونها.

لكن من هؤلاء من يجزم بنيّة رمضان، كإحدى الروايتين عن أحمد، ومنهم من يجزم بنيّة شعبان، فإن صادف رمضان أجزأه، وهو قول أبي حنيفة، ومنهم من يصومه بنيةٍ فيقول: إنه إن كان من رمضان فهو من رمضان، وإلا فهو تطوع، وهذا هو الذي نقله المرُّوذي عن أحمد، وهو اختيار الخِرَقي في «شرح المختصر» (١)، ذكره عنه أبو يعلى في تعليقه (٢)، وهو أحد الأقوال لمن يختار صيامه (٣).

والجمهور الذين (٤) ينهون عن صومه يجيبون عن هذا بأن النبي


(١) انظر «المغني شرح مختصر الخرقي»: (٤/ ٣٣٩) لابن قدامة، و «شرح الزركشي»: (٢/ ٥٦٥).
(٢) التعليق لأبي يعلى في الخلاف، وانظر كلامه في «الروايتين والوجهين»: (١/ ٢٥٤)، وانظر «الفتاوى»: (٢٥/ ١٠٠) للمؤلف.
(٣) الأصل: «من» ولعل الصواب ما أثبت. وبعد «صيامه» كلمة: «الوريقة». ولعلها إشارة إلى وريقة كانت في أصله مكملة للنص، فأبقاها الناسخ مقحمة.
(٤) الأصل: «الذي».