للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: (١) [إنهم مرتدون عن الإسلام، فالمرتد إذا أسلم لا يقضي ما تركه حال الرِّدة عند جمهور العلماء، كما لا يقضي الكافر إذ ا أسلم ما ترك حال الكفر باتفاق العلماء، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في أظهر الروايتين عنه، والأخرى يقضي المرتد، كقول الشافعي، والأول أظهر.

فإنّ الذين ارتدوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالحارث بن قيس، وطائفة معه أنزل الله فيهم: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: ٨٦] الآية، والتي بعدها، وكعبد الله بن أبي سرح، والذين خرجوا مع الكفار يوم بدر، وأنزل فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠] فهؤلاء عادوا إلى الإسلام.

وعبد الله بن أبي سرح عاد إلى الإسلام عام الفتح، وبايعه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢). ولم يأمر أحدًا منهم بإعادة ما ترك حال الكفر في الردة، كما لم يكن يأمر سائر الكفار إذا أسلموا. وقد ارتد في حياته خلق كثير اتبعوا الأسود


(١) بعده في الأصل: «إنهم كانوا مرتدين عن دين الإسلام، والمرتدّ لا يكون إلا كافرًا، والله أعلم» وبه انتهت الرسالة في الأصل، وبقية الرسالة بين معكوفين من (ف).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٦٨٥)، والنسائي (٤٠٦٧)، والحاكم: (٣/ ٤٧) وصححه على شرط مسلم، والبيهقي: (٧/ ٤٠) من حديث مصعب بن سعد عن أبيه.