العنسي الذي تنبَّأ بصنعاء اليمن، ثم قتله الله، وعاد أولئك إلى الإسلام، ولم يؤمروا بالإعادة. وتنبَّأ مسليمة الكذاب، واتبعه خلق كثير، قاتلهم الصديق والصحابة بعد موته حتى أعادوا من بقي منهم إلى الإسلام، ولم يأمر أحدًا منهم بالقضاء، وكذلك سائر المرتدين بعد موته.
وكان أكثر البوادي قد ارتدوا ثم عادوا إلى الإسلام، ولم يأمر أحدًا منهم بقضاء ما ترك من الصلاة. وقوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] يتناول كلَّ كافر.
وإن قيل: إن هؤلاء لم يكونوا مرتدين، بل جهالًا بالوجوب، وقد تقدّم أنّ الأظهر في حقّ هؤلاء أنهم يستأنفون الصلاةَ على الوجه المأمور، ولا قضاء عليهم. فهذا حكم من تركها غير معتقدٍ لوجوبها.
وأما من اعتقد وجوبَها مع إصراره على الترك: فقد ذكر عليه المفرِّعون من الفقهاء فروعًا:
أحدها: هذا يُقْتَل (١) عند جمهورهم ــ مالك والشافعي وأحمد ــ وإذا صبر حتى يُقتل فهل يُقتل كافرًا مرتدًّا، أو فاسقًا كفسَّاق المسلمين؟ على قولين مشهورين، حُكيا روايتين عن أحمد.
وهذه الفروع لم تنقل عن الصحابة، وهي فروع فاسدة، فإن كان مقرًّا بالصلاة في الباطن، معتقدًا لوجوبها، يمتنع أن يصرَّ على تركها