للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يفعلها، ومن ارتكب الحُرُمات عوقب على ركوبها. وأداءُ الحقوق إلى أصحابها من الواجبات.

لكن هذا إذا عُرِف أن الحق عنده، فأما مع التهمة فيفرَّق بين الأبرار والفجّار، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا.

وإن لم يفعل الوالي ذلك وإلا تناقضت أحكامه، فقد يكون المتهم متجوّهًا (١) أو يشفع إليه فيه ذو قَدْر، فيحتاج أن يُعاقب له أهل الأمانة والصدق والصلاح، وكل هذا عدوان، وإنما العدل أن يحكم بين الناس حكمًا واحدًا يسوّى فيه بين القوي والضعيف والشريف والوضيع بحسب قدرته وطاقته.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لما تولّى: "أيها الناس! القويّ فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحقَّ، والضعيف فيكم القويّ عندي حتى آخذ له الحق، فأطيعوني ما أطعتُ الله، فإذا عصيتُ الله فلا طاعةَ لي عليكم" (٢).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هلك مَن كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، والذي


(١) تجوّه إذا تكلّف الجاه وليس به ذلك. "التاج": (٣٦/ ٣٧١).
(٢) أخرجه ابن إسحاق في السيرة (سيرة ابن هشام ٢/ ٦٦١) من طريق الزهري عن أنس، وصحح إسناده ابن كثير في "البداية والنهاية": (٩/ ٤١٥)، وأخرجه معمر في "جامعه": (١١/ ٣٣٦).