للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ابتاعَ طعامًا فلا يبيعه حتى يستوفيه» (١) هو نهيٌ للتاجر الذي يشتري الطعام ثم يبيعه، فهذا ليس له أن يبيعه حتى يستوفيه، وإن كان معينًا مضمونًا عليه بالتعيين. وابن عمر روى هذا، وروى هذا. قال ابن عمر: مضت السنةُ أن ما أدركتْه الصفقة حيًّا مجموعًا فهو من ضمان المشتري (٢). وهذا احتج به مالك وأحمد وغيرهما أن ما كان معينًا ولم يمنعه البائع فهو يكون مضمونًا على المشتري وإن لم يقبضه.

وروى ابن عمر أنهم كانوا يُضرَبون إذا اشتروا الصُّبرةَ جُزافًا أن يبيعوها في موضعها حتى ينقلوها. وإذا اشترى الصبرة جزافًا دخلت في ضمانه أيضًا، ومتى خلِّي بينه وبينها كانت مضمونةً على المشتري، لكن نُهِي أن يبيعوها في موضعها، وقد قال ابن عباس: لا أحسب كلَّ شيء إلا بمنزلة الطعام. وفي السنن أنه نهى عن بيع ما لم يقبض (٣)، وهذا خطابٌ للتجار، فإنهم إذا اشتروا شيئًا باعوه بربح، فلا يبيعوه حتى يقبضوه.

وأيضًا فإذا باعوه قبل القبض بربح فقد يَندمُ البائعُ أو يَستقيلُ أو يَسعى في فسخ العقد، فإذا صار في قبضة التاجر أمن من ذلك، ولم يكتف في الصبرة إلا بنقلها إلى رحالهم. وأما غير التاجر فإنه إنما


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.