للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشتري الشيء لينتفع به، لا يشتريه للتجارة، وإن بدا له فيما بعد أن يبيعه لم يقصد أن يبيعه بربح، وإن قصد ذلك فهو تاجر. والنهي إنما كان لمن يربح في السلعة، وهو التاجر في أحد القولين.

ولهذا جوَّز مالك فيه الشركةَ والتوليةَ قبل القبض، فإنه لا ربح فيه، بل هو يبيعه بمثل الثمن، كأخذ الشفيع الشفعةَ بمثل الثمن، وكذلك جوَّز بيعَه من صاحبه بمثل الثمن قبل القبض.

وهذا هو الصحيح، فإن النهي إنما كان للتاجر الذي يربح، فلا يبيع بربحٍ حتى يصيرَ في حوزته، ويعملَ فيها عملًا من أعمال التجارة، إما بنقلها إلى مكان آخر، كالذي يشتري في بلدٍ ويبيع في آخر، وإما حَبْسها إلى وقت آخر. وأقل ما يكون قبضها، فإن القبض عمل، فأما مجرد التخلية في المنقول فليس فيها عمل. وهل تكون التخلية قبضًا في المنقول؟ فيه روايتان عن أحمد، إحداهما: [تكون] قبضًا، كقول أبي حنيفة.

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربح ما لم يضمن، ولا تَبِعْ ما ليس عندك (١). قال الترمذي: حديث صحيح. ولما سأله ابن عمر أنهم يبيعون بالبقيع بالذهب ويقبضون الوَرِق، ويبيعون بالورق ويقبضون الذهب، فقال: «لا بأسَ إذا كان بسعر يومه» (٢). فلم يجوِّز بيعَ الدَّين ممن هو عليه بربح،


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٣٣، ٥٩، ٨٣، ١٣٩) وأبو داود (٣٣٥٤) والترمذي (١٢٤٢) والنسائي (٧/ ٢٨١، ٢٨٣) وابن ماجه (٢٢٦٢) من حديث ابن عمر. وهو حديث ضعيف، قال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر.