شَبَهٌ لم يقم دليلٌ على أنه مناط الحكم، فهؤلاء يُقرّون النصوصَ، ولا يقيسون منصوصاً على منصوص يخالف حكمه. ولكن الذين يدفعون بعض النصوص ببعض يقولون: الصورتان سواءٌ لا فرقَ بينهما، فيكون أحد النصين ناسخاً للآخر. ومثل هذا كثيرا ما يتنازع فيه فقهاء الحديث ومخالفوهم ممن يقيس منصوصاً على منصوصٍ، ويجعل أحدَ النصين منسوخاً لمخالفته قياسَ النص الآخر.
وله أمثلة ذكر المؤلف كثيرا منها وقال: فهذا ونحوه من دفع النصوص البينة الصريحة بلفظ مجملٍ أو قياس هو مما كان ينكره أحمد وغيره.
بقيت صورة، وهي أن يجيء نصّان بحكمين مختلفين في صورتين، وهناك صُوَرٌ مسكوت عنها، فهل يقال: القياس هو مقتضى أحد النَّصين، فما سكتَ عنه نُلحِقه به وإن لم نَعرِف المعنى الفارق بينه وبين الآخر؟ فهذا هو الاستحسان المتنازع فيهْ الذي يقول به أصحاب أبي حنيفة وكثير من أصحاب أحمد. أما الآخرون فيقولون: لابدّ أن يُعلَم الجامع أو الفارق، فليس إلحاق المسكوت عنه بأحد النصّين أولى من إلحاقه بالآخر. وإذا عُلِم المعنى في أحد النصَّين ولم يعلم في الآخر، وجاز أن يكون المسكوت عنه في معنى هذا ومعنى هذا لم يُلحق بواحدٍ منهما إلاّ بدليل.
والتحقيق أنه إما أن يُعلَم استواء الصورتين في الصفات المؤثّرة في الشرع، وإما أن يُعلَم افتراقهما، وإمّا أن لا يُعلَم واحدٌ منهما.
ففي الحالة الأولى متى ثبت الحكم في بعض الصور دون بعض عُلِم