يوسُفُ بنُ العَزيزِ عَلَى دِمَشْقَ حينَ الاخْتِلاف اتَّفقَ أَرْبابُ الدَّولَةِ بمِصْرَ عَلَى تَخْريبِ دِمْيَاط خوْفاً من هُجُومِ الإِفْرنج مرَّةً أُخْرى، فسيَّروا إِلَيْهَا الحَجَّارينَ، فوقَعَ الهَدْمُ فِي أَسْوارِها يومَ الاثْنينِ الثَّامِنَ عَشَرَ من شعْبَان سنة حتَّى امَّحت آثارُها، وَلم يبقَ مِنْهَا سِوَى الجامِعِ، وصارَ فِي قِبْلِيِّها أَخصاصٌ عَلَى النِّيلِ، سَكَنَها الضُّعَفاءُ، وسمُّوها المَنْشِيَّةِ. وَهَذَا السُّورُ هُوَ الَّذي كانَ بَنَاه المُتَوَكِّلُ. ثمَّ إِنَّ المَلِكَ الظَّاهرَ بِيبَرْس رَحِمَه الله تعالَى لمَّا استَبَدَّ بمَمْلكَةِ مِصرَ أَخرَجَ عِدَّة حَجَّارين من مِصْرَ فِي سنة لرَدْمِ فَمِ بحرِ دِمْيَاطَ، فمَضَوْا من القَرَابيص وأَلْقَوْها فِي بحرِ النِّيلِ الَّذي يَصُبُّ فِي شَمالِيّ دِمْيَاط فِي بحرِ المِلْح، حتَّى ضاقَ وتَعَذَّرَ دُخولُ المَرَاكب مِنْهُ إِلَى دِمْيَاط إِلَى الْآن. قالَ ابنُ وَصِيف شاه: وأَمَّا دِمْيَاطُ الْآن فإِنَّها حادثَةٌ بعد تَخْريبِ مَدِينَتِها، وَمَا بَرِحَتْ تَزْدادُ إِلَى أَنْ صارَتْ بَلْدَة كَبِيرَة ذَات حَمَّاماتٍ وجوامِعَ وأَسْواقٍ ومَدارِسَ ومَساجِدَ. ودُورُها تُشرِفُ عَلَى النِّيلِ. وَمن ورائِها البَسَاتينُ، وَهِي أَحْسَنُ بلادِ الله مَنْظَراً، وَقَدْ أَخْبَرَني الوَزيرُ يَلْبُغا السالِمِيُّ، رَحمَه الله، أَنَّهُ لم يَرَ فِي البلادِ الَّتِي سَلَكَهَا من سَمَرْقَنْدَ إِلَى مِصْرَ أَحسنَ من دِمْيَاطَ، فظَنَنْتُ أَنَّهُ يَغْلو فِي مَدْحِها إِلَى أَنْ شاهَدْتُها، فَإِذا هِيَ أَحسنُ بلدَةٍ وأَنْزَهُه. انْتَهَى مَعَ الاخْتِصار. وَقَدْ نُسِبَ) إِلَى دِمْيَاطَ جُمْلةٌ من المُحَدِّثين، وَكَذَا إِلَى قُراها، كتِنِّيسَ، وتُونَة، وبوار، وقسيس، وَمِنْهُم: الإِمامُ الْحَافِظ شرَفُ الدِّين عبدُ المُؤْمِن بن خَلَفٍ التُّونِيُّ الدِّمْياطِيّ، صاحبُ المُعْجَم، وَهُوَ فِي سِفْرَيْنِ، عِنْدِي، حدَّثَ عَن الزَّكيِّ المُنْذِرِيّ، وأَبي العبَّاس القُرْطُبيّ شارِح مُسْلِم، والعزّ بن عبد السَّلامِ، والجَمَال مُحَمَّد بن عَمْرُون، والعَلَم اللُّورَقِيّ، شارِحا المُفَصَّل،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute