للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَهُوَ دونَهُ فِي الإِثمِ. وأَصلُ الحَسَدِ القَشْرُ، وأَصلُ الغَبْطِ: الجَسُّ، والشَّجَرُ إِذا قُشِرَ عَنْهَا لِحاها يَبِسَتْ، وإِذا خُبِطَ وَرَقُها اسْتَخْلَفَ دونَ يُبْسِ الأَصلِ. وَقَالَ أَبو عَدْنانَ: سأَلتُ أَبا زَيْدٍ الحَنْظَلِيّ عَن تفسيرِ هَذَا الحَديثِ، فَقَالَ: الغَبْطُ: أَنْ يُغْبَطَ الإِنسانُ، وضَرَره إيَّاه أَن يُصيبَهُ نَفْسٌ فيَتَغَيَّرَ حالُه كَمَا تَغَيَّرُ العِضاهُ إِذا تَحاتَّ وَرَقُها. وَقَالَ الأَزهَرِيُّ: الغَبْطُ ربَّما جَلَبَ إصابَةِ عَيْنٍ بالمَغْبوطِ، فَقَامَ مَقامَ النَّجْأَةِ المَحْذورَةِ، وَهِي الإِصابَةُ بالعَيْنِ. قالَ: وَقد فرَّقَ اللهُ بينَ الغَبْطِ والحَسَدِ بِمَا أَنْزَلَهُ فِي كِتابِهِ لمَنْ تَدَبَّرَهُ واعْتَبَرَهُ، فَقَالَ عزَّ مِنْ قَائِل: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضَّلَ اللهُ بِهِ بعضَكُم على بَعْض للرِّجالِ نَصيبٌ ممَّا اكْتَسَبوا وللنِّساءِ نَصيبٌ ممَّا اكْتَسَبْنَ واسْأَلوا اللهَ مِنْ فَضْلِه. وَفِي هَذِه الآيَة بَيانُ أَنَّه لَا يَجوزُ للرَّجُلِ أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى على أَخيه المسلِمَ نِعْمَةً أَنعمَ الله بهَا عليهِ أَن تُزْوى عَنهُ ويُؤْتاها، وجائزٌ لهُ أَنْ يَتَمَنَّى مثلَها بِلَا تَمَنٍّ لِزَيِّها عَنهُ، فالغَبْطُ: أَن يرى المَغْبوطَ فِي حالٍ حسَنَةٍ فيتَمَنَّى لنفسِهِ مثلَ تِلكَ الْحَال الحَسَنَةِ من غيرِ أَن يَتَمَنَّى زَوَالَها عَنهُ، وإِذا سأَل الله مثلَهَا فقد انْتهى إِلى مَا أَمَرَهُ بهِ ورَضِيَهُ لَهُ. وأَمَّا الحَسَدُ: فَهُوَ أَن يَشْتَهِيَ أَن يكونَ لهُ مَا للمَحْسودِ، وأَن يزولَ عَنهُ مَا هُوَ فِيهِ، فَهُوَ يبغيهِ الغَوَائلَ على مَا أُوتيَ من حُسْنِ الحالِ، ويجْتَهِدُ فِي إزالَتِها عَنهُ بَغْياً وظُلْماً. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: أَمْ يَحسُدُونَ النَّاسَ على مَا آتَاهُم اللهُ من فَضْلِه وَفِي الحديثِ: على مَنَابِرَ من نورٍ يَغْبِطُهم أَهلُ الْجمع وَفِي حديثٍ آخر: يأْتي على النَّاسِ اليَوْمَ أَبو العَشرَة يَعْنِي: أَنَّ الأَئمَّةَ فِي صَدْرِ الإِسلام يَرْزُقون عِيالَ المُسْلِمين وذَرارِيَّهم من بَيت