تِلْكَ الخمائل فَإِنَّهَا أزهار وأنوار، فيناسبها القطف والجَنْي، لَا الْخبط، لِأَنَّهُ يُفْسِدهَا، وَفِيه إِشَارَة إِلَى حسن إجتناء الْعلم وَكَمَال الْأَدَب عِنْد أَخذه وتلقّيه، وَفِيه تلميح للأوراق المعدَّة للكتابة وصيانتها عَن الْخبط فِيهَا خبط عَشْواء، والخوض فِيهَا بِغَيْر نظرٍ تامّ، والأُستاذ إِمَام (ويتَرفَّعُ) أَي يتعلّى (عَن السُّقوط) والخبط (نَضِيجُ ثَمرٍ) وَهُوَ محرّكة حَمْل الشّجر مُطلقًا أشجارُه) أَي النضيج (احتملتْ) مِن حَمَلَه واحتمله إِذا رَفعه، أَي يحافظ على تِلْكَ الثِّمَار بِحَيْثُ لَا تَجف وَلَا تذبُل حَتَّى يحصل لَهُ سُقُوط، بل يجب الاعتناءُ بهَا والمحافظة لَهَا، بِحَيْثُ يتَبَادَر إِلَى قطفها وتناولها قبل السُّقُوط والوقوع، وَفِيه الِالْتِزَام والمقابلة (من لُطف بلاغتهم) وَفِي الأَصْل من لطف تفريعاتهم (مَا يَفضح فُروع الآس) أَي أغصانه (رَجَّلَ جَعْدها) ترجيلاً إِذا سرَّحه وَأَصْلحهُ، والجَعد الشّعْر (ماشِطَةُ) ريح (الصَّبَا) وَالْإِضَافَة كلُجَيْن المَاء، أَي ريح الصَّبا الَّتِي هِيَ لفروع شَجَرَة الآس عِنْد هبوبها عَلَيْهَا وتسريحها إِيَّاهَا بِمَنْزِلَة الماشطة الَّتِي تُرَجّل شعر النِّسَاء وتُصلِح من حالهن. وَفِي الْجُمْلَة مُبَالغَة فِي مدحهم (وَمن حُسْن بَيانهم) هُوَ الْمنطق الفصيح المعرب عَمَّا فِي الضَّمِير. نَقله شَيخنَا عَن السعد، وَفِي نُسْخَة الأَصْل: وَمن شعب بيانهم (مَا استلَبَ) أَي اختلس (الغُصْنَ) الْمَفْعُول الأوّل (رَشاقَتَه) مفعول ثَان (فَقلِقَ) أَي الْغُصْن لما حصل لَهُ من السَّلب (اضطراباً) مفعول مُطلق (شاءَ) أَي أَرَادَ ذَلِك الِاضْطِرَاب والقلق (أَو أبَى) وَفِي نُسْخَة الأَصْل: أَمْ أَبى، أَي امْتنع، فَلَا بُد من وُقُوعه، كَمَا هُوَ شَأْن الأغصان إِذا هبَّ عَلَيْهَا النسيم فَإِنَّهُ يُميلها ويُقْلِقها. وَفِي الفقرتين مُبَالغَة والتزام وترصيع ومقابلة، والاستعارة المكنية والتخييلية فِي الترجيل والجعد، وَالتَّعْبِير بالفروع فِيهِ لطف بديع، لِأَن من إطلاقاتها عقائص الشّعْر، كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute