ربِّكُم مَرْجِعُكُم شاذَّان لأنّ المصادرَ من فَعَلَ يَفْعِلُ، أَي بفتحِ العَينِ فِي الْمَاضِي وكَسرِهما فِي المضارعِ إنّما تكونُ بالفَتْح، كَمَا فِي الصِّحَاح، وَفِي اللِّسان: قَوْله تَعالى: إِلَى الله مَرْجِعُكُم جَميعاً أَي رُجوعُكم، حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ فِيمَا جاءَ من المصادرِ الَّتِي من فَعَلَ يَفْعِلُ على مَفْعِل بالكَسْر، وَلَا يجوزُ أَن يكون هُنَا اسمُ الْمَكَان لأنّه قد تعَدَّى بإلى، وانتصبَ عَنهُ الحالُ، واسمُ المكانِ لَا يَتَعَدَّى بحرفٍ، وَلَا يَنْتَصِبُ عَنهُ الْحَال. إلاّ أنّ جُملةَ البابِ فِي فَعَلَ يَفْعِلُ أَن يكونَ المصدرُ على مَفْعَل، بفتحِ العَين، ورُجْعى ورُجْعاناً، بضمِّهِما: انْصرفَ، وَفِي التَّنْزِيل: إنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعى أَي الرُّجوع. رَجَعَ الشيءَ عَن الشيءِ، ورَجَعَ إِلَيْهِ، وَهَذِه عَن ابنِ جِنِّي رَجْعَاً ومَرْجِعاً، كَمَقْعَدٍ ومَنزِلٍ: صَرَفَه ورَدَّه، كَأَرْجعَه وَهَذِه لغةُ هُذَيْلٍ، كَمَا نَقَلَه الجَوْهَرِيّ، قَالَ شَيْخُنا: وَهِي ضعيفةٌ رديئةٌ، كَمَا صرَّحَ بِهِ غيرُ واحدٍ، فَلَا اعتِدادَ بإطلاقِ المُصَنِّف إيّاها، كالمَشهور. قلت: أمّا كَوْنُها لغةَ هُذَيْل فقد صرَّحَ بِهِ غيرُ واحدٍ، وأمّا كَوْنُها ضَعِيفَة رَدِيئَة فَلم أرَ أحدا من الأئمَّةِ صرَّحَ بذلك، كَيفَ وَقد حكى أَبُو زَيْدٍ عَن الضَّبِّيِّينَ أَنهم قرأوا أَفَلا يَرَوْنَ أنْ لَا يُرْجِعُ إِلَيْهِم قَوْلاً وقولُه عزَّ وجَلَّ: قالَ رَبِّ أَرْجِعون. وَقَالَ الراغبُ فِي الْمُفْردَات: الرُّجوع: العَودُ إِلَى مَا كَانَ مِنْهُ البَدءُ، أَو تقديرُ البَدءِ مَكَانا أَو فِعلاً أَو قَولاً، وبذاتِه كَانَ رُجوعُه أَو بجُزءٍ من أجزائِه، أَو بفِعلٍ من أَفْعَاله، فالرُّجوع: العَود، والرَّجْع: الْإِعَادَة. قلتُ: أيّ رَجَعَ كَانَ: لازِماً، أَو واقِعاً، فمصدرُه لازِماً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute