للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لحظّ نَفسه، ولتكون لَهُ مَكانةٌ عندهَم إِذْ مثل هَذَا يطْلب الدُّعَاء للتنصُّل مِنْهُ والتجرّد عَنهُ (وجَزيلَ الأجْر فِي الآخِرة) هُوَ الْفَوْز بِالْجنَّةِ أَو التنعم بِالنّظرِ إِلَى الْوَجْه الْكَرِيم وَحُصُول الرضْوَان، وَقد حصل الثَّنَاء فِي الدُّنْيَا، كَمَا فَازَ بِطَلَبِهِ فِي الْآخِرَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَفِيه الِالْتِزَام مَعَ الَّتِي قبلهَا والترصيع فِي أغلبها (ضارِعاً) متذلِّلاً (إِلَى مَن ينظر) أَي يتَأَمَّل (مِنْ عَالِمٍ فِي عَمَلي) هَذَا (أَن يَستُرَ عِثَارِي) أَرَادَ بِهِ الْوُقُوع فِي الْخَطَأ (وَزَللِي) محرّكة عطف تَفْسِير لما قبله (ويَسُدَّ) بِالضَّمِّ أَي يصلح (بِسَدادِ) بِالْفَتْح أَي استقامة (فَضْلِه خَلَلي) محرّكة، وَهُوَ الوهن فِي الْأَمر، والتفرّق فِي الرَّأْي، وأمرٌ مختلٌّ أَي ضَعِيف، وَإِنَّمَا خصَّ العالِم بذلك لِأَنَّهُ الَّذِي يميِّز الزلَل، وَيسْتر الخلَل، وَأما الْجَاهِل فَلَا عِبرة بِهِ وَلَا بنظرِه، بل وَلَا نَظر لِبَصرِه، وَلذَا قيل: إِن المُرَاد بِالنّظرِ هُوَ التفكُّر والتأمُّل، لَا مُطلق الإمرار، ولزيادته وكثرته عدَّاه بفي الظَّرْفِيَّة، وصيَّر الْعَمَل مظروفاً لَهُ، قَالَه شَيخنَا. ثمَّ إِن كَلَامه هَذَا خرج مَخرَج الِاعْتِذَار عَمَّا وَقع لَهُ فِي هَذَا الْمِضْمَار، فقد قيل: من صَنَّف فقد استهْدَف نَفْسَه. وَقل المؤتمن الساجِي: كَانَ الْخَطِيب يَقُول: من صَنَّف فقد جعل عَقْلَة على طَبَقٍ يَعرِضُه على النَّاس. وَفِيه الجناس المحرَّف بَين " مِنْ " الجارة البيانية و " مَنْ " الموصولة المبينة بهَا، والمقلوب فِي عَالم وَعمل، والاشتقاق فِي يسدّ وبسداد، والتزام مَا لَا يلْزم، وَفِي الفقرتين الْأَخِيرَتَيْنِ الجناس اللَّاحِق والمقابلة المعنوية للستر والعثار، والزلل والسداد والخلل (و) بعد أَن ينظر فِيهِ مَعَ التَّأَمُّل والمراجعة عَلَيْهِ أَن (يُصْلِحَ مَا طَغَى) أَي تجَاوز القدْرَ المُرَاد (بِهِ القلمُ) ونسبته إِلَيْهِ من الْمجَاز العقليّ، فَالْمُرَاد بالإصلاح إِزَالَة مَا فسد فِي الْكتاب، بالتنبيه عَلَيْهِ وإظهاره، مَعَ إِيضَاح الْعذر للْمُصَنف من غير إِظْهَار شناعةٍ وَلَا حطٍّ من منصبه، وَلَا إزراءٍ بمقامه وَكَون الأولى فِي ذَلِك