للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلتُ: ويقَع عَن موقِع بعْدَ كَثيراً مثْل قوْلهم: ورِثَه كابِراً عَن كابِرٍ، أَي: بعْدَ كابرٍ، قالَه أَبُو عليّ. وَقَالَ أَبُو بكر: معْناه لتَركَبُنّ السّماءَ حَالا بعْدَ حالٍ لأنّها تكون فِي حالٍ كالمُهْلِ، ثمَّ كالفَرَسِ الوَرْدِ، وَفِي حَال كالدِّهان. قَالَ الصاغانيّ: وإنّما قيلَ للْحَال: طبَقٌ لأنّها تمْلأُ القُلوبَ، أَو تُشارِفُ ذلِك. وَقَالَ الرّاغِب: معنى الْآيَة: أَي تَرْقَى منزِلاً عَن منْزِل، وذلِك إِشَارَة الى أحوالِ الإنسانِ من ترَقّيه فِي أحْوال شتّى فِي الدُنْيا، نحْو مَا أَشَارَ إليهِ بقوله:) واللهُ خلَقكُم من تُرابٍ ثمّ من نُطْفَةٍ (وأحوال شتّى فِي الآخرَةِ: من النُّشورِ والبَعْثِ، والحِسابِ، وجوازِ الصِّراطِ الى حينِ المُسْتَقَرِّ فِي أحدِ الدّارينِ. ونقَل شيخُنا عَن ابنِ أبي الحَديد فِي شرْح نهْج البلاغةِ مَا نصّه: الطَّبَقُ: المشقّة، وَمِنْه:) لتركَبُنّ طبَقاً عَن طَبَق (انْتهى. قلت: هَذَا قد نقَله الأزْهريّ عَن ابنِ عبّاس، وَقَالَ: المَعْنى لتَصيرنّ الأمورُ حَالا بعدَ حالٍ فِي الشّدّةِ. قَالَ: والعَربُ تقولُ: وقَع فلانٌ فِي بَناتِ طَبَق: إِذا وقَع فِي الْأَمر الشّديد. وَقَرَأَ ابنُ كَثير والكوفيّون غيْر عاصمٍ: لتَرْكَبَنّ، بِفَتْح الباءِ، أَي لترْكَبَنّ يَا مفحمّد طبَقاً من أطْباقِ السّماءِ، نَقله الزّجّاجُ والصّاغانيّ، وَقَرَأَ ابنُ عبّاس وابنُ مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم لتِرْكَبُنّ بِكَسْر التاءِ، وَهِي لُغة تَميم وقَيْس وأسَد، وَرَبِيعَة، يكْسِرون أولَ حرْفٍ من حُروفِ المُستقبل، إِلَّا أَن يكونَ أولُه يَاء، فإنّهم لَا يَكْسِرونَها. قَالَ ابنُ مَسْعُود: والمَعْنى: لتَرْكَبُنّ السّماءَ حَالا بعد حالٍ، وَقد تقدّم ذلِك عَن أبي بكر. وَقَالَ مَسْروقٌ: لتَرْكَبُنّ حَالا بعدَ حَال، زادَ الزّجاجُ: حَتَّى تَصيروا الى الله من إحياءٍ وإماتة وبعْثٍ.