يكون بمَعْنَى التَّبيِينِ وَمِنْه قولُه تَعَالَى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرآناً عَرَبيّاً أَي بَيَّنَّاه، وقِيل: مَعْنَاهُ: قُلْناه وأنْزلْناه. يكون بمَعْنَى الخَلْقِ والإيجادِ، فيتعَدَّى إِلَى مفعولٍ وَاحِد، وَمِنْه قولُه تَعَالَى: وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّورَ: أَي خَلَقَها، وقولُه تَعَالَى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ وقولُه تَعَالَى: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ. يكون بمَعْنَى التَّشْرِيفِ نحوُ قولِه تَعَالَى: وَكَذلكَ جَعَلْنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً أَي شَرَّفْناكم، وَقيل: سَّمّيناكُم، وَكَذَا قولُه تَعَالَى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيتَ الْحَرَامَ قِيَاماً. يكون بمَعْنَى التَّبدِيلِ نحوُ قولِه تَعَالَى: فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَكَذَا قولُه تَعَالَى: وَتَجْعَلُونَ) رِزْقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبُونَ. يكون بمَعْنَى الحُكْمِ الشَّرعِيّ كَقَوْل الشَّارِع: جَعَل اللهُ الصَّلواتِ المَفْرُوضاتِ خَمْساً أَي حَكَمَ بِهِ. يكون بمَعْنَى التَّحَكُّمِ البِدْعِيِّ كَقَوْلِه تَعَالَى: الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ. وَقَالَ الراغِبُ: قد يكونُ الجَعْلُ بمَعْنى الحُكْمِ بالشَّيْء علَى الشَّيْء، حَقّاً كَانَ أَو بَاطِلا، فَأَما الحقُّ نحوُ قَوْله تَعَالَى: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرسَلِينَ وأمّا الباطِلُ فنحوُ قولِه: وَجَعَلُوا لِلَّه مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ الَّذِينَ جَعلَوا الْقُرآنَ عِضِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute