ولَيْسَ كَذلِكَ حُروفُ المُعْجَمِ، لأنّه لَيْسَ مَعْناه حُروفَ الكَلامِ المُعْجَمِ، وَلَا حُروفَ اللَّفْظِ المُعْجَمِ، إنّما المَعْنَى أَنَّ الحُروفَ هِيَ المُعْجَمَةُ، فصَارَ من بابِ إِضَافَةِ المَفْعولِ إِلى المَصْدَرِ كَقَوْلهم: هَذِه مَطِيَّةُ رُكُوبٍ، أَي: مِنْ شَأْنها أَن تُرْكَبَ، وهَذَا سَهْمُ نِضَالٍ، أَي: مِنْ شَأْنِه أَن يُنَاضَلَ بِهِ، وكَذَلِك حُروفُ المُعْجَمِ أَيْ: مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُعْجَمَ فإِنْ قِيلَ: إِنَّ جَمِيعَ هذِه الحُروف لَيْس مُعْجَماً، إِنَّمَا المُعْجَمُ بَعْضُهَا، فَكيفَ استَجَازُوا تَسْمِيَةَ جَميعِها مُعْجَمًا؟ قيل: إنَّما سُمِّيَتْ بِذَلِك لأَنَّ الشَّكْلَ الواحِدَ إِذا اخْتَلَفَتْ أَصْوَاتُه، فَأُعْجِمَتْ بَعْضُها وتُرِكَتْ بَعضُها، فقد عُلِمَ أنَّ هذَا المَتْرُوكَ بغَيْر إعْجَامٍ هُوَ غَيْر ذَلِك الَّذِي من عادَته أَنْ يُعْجَمَ، فَقَدْ ارتَفَعَ أَيْضا بمَا فَعَلُوا الإِشْكَالُ والاسْتِبْهامُ عَنْهُما جَميعًا، وَلَا فَرْقَ بَين أنْ يَزُولَ الاسْتِبْهامُ عَن الحَرْفِ بإعْجَامٍ عَلَيْهِ، أَو مَا يَقُومَ مَقامَ الإعْجام فِي الإيضَاح والبَيانِ)) ، وسُئِل أَبو العبَّاسِ عَنْهَا فَقَالَ: أَمَّا أَبُو عَمْرٍ والشَّيْبانِيُّ فَيَقُولُ: أَعْجَمْتُ: أَبْهَمْتُ، وأَمَّا الفَرَّاءُ فيقولُ: هُوَ مِنْ أَعْجَمْتُ الحُروفَ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الهَيْثَمِ يَقولُ: مُعْجَمُ الخَطِّ: هُوَ الذِي أَعْجَمَهُ كَاتِبُه بالنَّقْطِ. وقالَ اللَّيْثُ: سُمِّيَتْ [مُعْجَمًا] لأنَّها أَعْجَمِيَّةٌ، وَإِذا قُلْتَ: كِتَابٌ مُعَجَّمٌ فإنَّ تَعْجِيمَهُ تَنْقِيطُهُ، لكَي تَسْتَبِينَ عُجْمَتُه وتَتَّضِحَ. قَالَ الأَزْهَرِي: والّذي قالَه أبَو العَبَّاسِ وأَبُو الهَيْثَمِ أبْيَنُ وأَوْضحُ.
(وصَلاةُ النَّهار عَجْماءُ، لأَنَّه لَا يُجْهَرُ فِيهَا) بِالقِراءَةِ، وَهُوَ مجازٌ، وهُمَا صَلاتَا الظُّهْرِ والعَصْرِ.
(والعَجْمَةُ) ، بالفَتْحِ، وضَبَطَه فِي اللِّسان بالتَّحْرِيكِ: (النَّخْلَةُ) الَّتِي (تَنْبُتُ من النَّوَاةِ) ، والصَّوَابُ فِيهِ: التَّحْريكُ.
(و) العَجْمَةُ: (الصَّخْرَةُ الصُّلْبَةُ) تَنْبُتُ فِي الوادِي (ج: عَجَمَاتٌ) ، مُحَرَّكَةً، قَالَ أبُو دُوَادٍ يَصِفُ رِيقَ حارِيَةٍ بِالعُذُوبَةِ:
(عَذْبٌ كَمَاءِ المُزْنِ أَنْ ... زَلَهُ مِنَ العَجَمَاتِ بارِدْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute