للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(ويروَى مَنْ فُزْدَ لَه، بلزَّايِ) ، بدلَ لصَّاد، لأَن الصَّادَ لَمَّا سَكَنَتْ ضَعُفَتْ، فضارَعُوا بهَا الدَّال الّتي بعدَهَا بأَن قَلَبُوها إِلى أَشْبَهِ الحُرُوف بالدَّال من مخْرَج الصَّادِ، وَهُوَ الزّاي، لأَنَّها مجهورةٌ، كَمَا أَنّ الدَّال مجهورةٌ، فإِن تَحَرَّكَت الصّادُ هُنا لم يَجُز البدلُ فِيهَا، وذالك نَحْو: صَدَر وصَدَف، لَا تقولُ فِيهِ زَدَرَ، وَلَا زَدَفَ، وذالك أَنَّ الحَرَكَةَ قَوَّت الحَرْفَ وحَصَّنَتْه فأَبْعَدَتْه من الانْقِلاب، بل قد يجوز فِيهَا إِذا تَحَرَّكتْ إِشامُها رائحةَ الزّايِ، فأَمّا أَنْ تَخْلُصَ زاياً، وَهِي متحرِّكةٌ، كَمَا تَخلُص، وَهِي سَاكِنة فَلَا. وإِنَّمَا تُقْلَب الصّادُ زاياً، وتُشَمُّ رائحتَها إِذا وقَعَتْ قبلَ الدَّالِ، فإِن وَقَعَتْ قبلَ غيرِهَا لم يَجُزْ ذالك فِيهَا، وكلُّ صادٍ وقَعَتْ قبلَ الدَّال فإِنه يَجُوز أَن تُشِمَّها رائحةَ الزّايِ إِذ تَحَرَّت، وأَن تقلِبَهَا زاياً مَحْضاً إِذَا سَكَنَتْ.

(و) بعْضُهم يَقُول: (قُصِدَ لَهُ، بِالْقَافِ، أَي) مَنْ (أُعطِيَ قَصْداً، أَي قَليلاً) . وكلامُ العَربِ بالفاءِ، (أَي لَم يُحْرَم القِرَى مَنْ فُصِدَتْ لَهُ الرَّاحلةُ فحَظِيَ بِدَمِهَا. يضْرَب) مَثَلاً (فيمَن) طَلَبَ و (نالَ بعْضَ المَقصِدِ) ، وَقَالَ يَعْقُوب: والمعْنى: لم يُحْرَم مَنْ أَصابَ بعْضَ حاجَتِهِ، وإِنْ لم يَنَلْها كُلَّها. وتأْويلُ هاذَا: أَنَّ الرَّجُلَ كانَ يُضِيف الرَّجلَ فِي شِدَّةِ الزَّمَانِ، فَلَا يكونُ عندَه مَا يَقْرِيه، وَيَشِحُّ أَن يَنْحَرَ راحِلَتَه، فَيَفْصِدُها، فإِذا خَرَجَ الدَّمُ سَخَّنَه للضَّيْفِ، إِلى أَن يَجْمُد وَيَقْوَى، فيُطْعِمه إِيَّاه، فجَرى المَثَلُ فِي هَذَا. وَفِي اللِّسَان: ومِنْ أَمثالِهم فِي الّذي يُقضَى لَهُ بعْضُ حاجَتِه دُونَ تَمامِها: (لم يُحْرَم مَنْ فُصْدَ لَهُ) مأْخوذٌ من الفَصِيدِ لذِي كَانَ يُصْنَعُ فِي الجاهِلِيَّةِ ويُؤْكَل. يَقُول: كَمَا يَتَبَلَّغ المُضْطرُّ بالفَصِيدِ، فاقْنَعْ أَنتَ بِمَا ارتَفَع من قَضَاءِ حاجَتِكَ، وإِنْ لم تُقْضَ كلّها.

(والفَصِيدُ: دَمٌ كَانَ يُوضَعُ) فِي الجاهِلِيّة (فِي مِعًى) ، مِن فَصْدِ عِرْقِ