للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُ واضْطَرَب بِنَاؤُه نَحْو الرَّمَل والرَّجَز شِعْراً مُرَاداً مَقصوداً، وذالك أَن مَا تَمَّ من الشِّعر وتَوَفَّر آثَرُ عندَهم وأَشَدُّ تَقَدُّماً فِي أَنْفُسِهم مِمَّا قَصُرَ واخْتَلَّ، فسَمَّوْا مَا طالَ ووَفَرَ قَصِيداً، أَي مُرَاداً مَقصوداً، وإِن كَانَ الرَّملُ والرَّجَز أَيضاً مُرَادَيْنه مَقْصُودَيْنِ. والجَمْعُ قَصَائِدُ، وربَّما قَالُوا: قَصِيدَةٌ. وَفِي الصِّحَاح: القَصِيدُ جَمْعُ القَصِيدَة. كسُفِينٍ جمعُ سَفِينةٍ، وَقيل: الجَمْعُ قَصائدُ وقَصِيدٌ. قَالَ ابْن جِنِّي: فإِذا رأَيْتَ القصيدَةَ الوَاحِدَةَ قد وَقَعَ عَلَيْهَا القَصِيدُ، بِلَا هاءٍ، فإِنما ذالك لأَنه وُضِعَ على الواحِد اسمُ الجِنْس اتِّساعاً، كَقَوْلِك: خَرجْتُ فإِذا السَّبعُ، وقتَلْتُ اليومَ الذِّئْبَ، وأَكَلْت الخُبْزَ، وشَرِبت الماءَ. (ولَيْسَ إِلَاّ ثَلَاثَةَ أَبْيَاتِ فَصَاعِداً أَو سِتَّةَ عَشَرَ فَصَاعِداً) . قَالَ أَبو الحَسَن الأَخْفَشُ: وممَّا لَا يَكاد يوجَد فِي الشِّعْر البَيْتَانِ المُوطَآنِ لَيْسَ بَينهمَا بيتٌ، والبَيْتَانِ المُوطَآن وَلَيْسَت القصيدةُ إِلَاّ ثلاثَة أَبياتٍ، فجعلَ القصيدَة علَى ثلاثةِ أَبياتٍ؛ قَالَ ابنُ جِنّى: وَفِي هاذا القَوْل من الأَخْفَش جَوَازٌ، وذالك لِتسميته مَا كَانَ على ثَلاثَةِ أَبياتٍ قَصِيدةً. قَالَ: وَالَّذِي فِي الْعَادة أَنْ يُسَمَّى مَا كَانَ على ثلاثةِ أَبياتٍ أَو عَشَرَةٍ أَو خَمْسَةَ عَشرَ: قِطْعَةً. فأَمَّا مَا زَاد على ذالك فإِنما تُسميه العَرَب قَصِيدةً، وَقَالَ الأَخفش مَرَّة: القَصِيدُ من الشّعْر هُوَ الطَّوِيلُ والبَسيطُ التَّامُّ والكامِلُ التامُّ والمَدِيد التامُّ، والوافِرُ التامُّ، والرجَز التامُّ، والخَفِيف التامُّ، وَهُوَ كلُّ مَا تَغَنَّى بِهِ الرُّكْبَانُ. قَالَ: وَلم نسمعهم يَتَغَنَّوْن بالخَفِيفِ. ومعنَى قَوْله: المَدِيدُ التامُّ، والوافِرُ التامُّ، أَتَمُّ مَا جاءَ مِنْهُمَا فِي الاستعماله أَعْنِي الضَّرْبَيْنِ الأَوّلَيْنِ مِنْهُمَا، فأَمَّا أَن يَجِيئا على أَصْلِ وَضْعِهما فِي دائِرتَيْهما فذالك مَرْفُوض مُطَّرَحٌ، كَذَا فِي اللِّسَان. (و) قيل: سُمِّيَ قَصِيداً لأَنّ قَائلَه احْتَفَل لِ فنَقَّحه بالفْظِ الجَيِّد والمَعْنَى المُخْتَار، وأَصْلُه من القَصِيد وَهُوَ (المُخُّ) الغليظُ (السَّمِينُ) الَّذِي يَتَقَصَّد أَي يَتَكَسَّر لِسِمَنِهِ، وضِدُّه الرَّارُ، وَهُوَ المُخُّ السائلُ الَّذِي يَمِيعُ كالماءِ وَلَا يَتَقَصَّدُ. والعربُ تَستعيرُ السِّمَنَ فِي