للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تَعَالَى {إِنَّمَا النَّسِىء زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} (التَّوْبَة: ٣٧) (شَهْرٌ كَانَت تُؤَخِّرُه العربُ فِي الجاهليَّة فَنهى اللَّهُ عزَّ وجلَّ عَنهُ) فِي كِتَابه الْعَزِيز حَيْثُ قَالَ: {إِنَّمَا النَّسِىء زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} الْآيَة، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا إِذا صَدَروا عَن مِنى يقومُ رجلٌ (من كِنانة) فَيَقُول: أَنا الَّذِي لَا يُرَدُّ لي قضاءٌ، فَيَقُولُونَ: {أَنْسِئْنا شَهْراً، أَي أَخِّرْ عَنّا حُرْمَةَ المُحَرَّم واجعَلْها فِي صَفَر فيُحِلُّ لَهُم المُحَرَّم، كَذَا فِي (الصِّحَاح) . وَفِي (اللِّسَان) : النَّسِيءُ الْمصدر وَيكون} المَنْسُوءَ، مثل قَتِيل ومَقْتُول، والنَّسِيءُ فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفعول، من قولِكَ: نَسَأْتُ الشَّيْءَ فَهُوَ {مَنْسُوءٌ، إِذا أَخَّرْته، ثمَّ يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسِيءٍ، كَمَا يُحَوَّل مَقتولٌ إِلى قَتِيلٍ. ورجلٌ} ناسِىءٌ وقَوْمٌ {نَسَأَةٌ مثل فاسِقٍ وفَسَقَةٍ. وقرأْت فِي كتاب (الأَنساب) للبلاذري مَا نَصه: فَمِن بَني فُقَيْمٍ جُنَادَة، وَهُوَ أَبو ثُمَامة، وَهُوَ القَلَمَّسُ بنُ أُمَيَّة بن عوْفِ بن قَلَعِ بن حُذَيْفَة بن عَبْدِ بن فُقَيْم نسأَ الشُّهُور أَربعين سنة، وَهُوَ الَّذِي أَدرك الإِسلام مِنْهُم، وَكَانَ أَوّلَ من نَسَأَ قَلَعٌ، نَسَأَ سَبْعَ سِنين، ونَسَأَ أُميّةُ إِحدى عَشْرَة سنة، وَكَانَ أَحدُهم يقوم فَيَقُول: إِني لَا أُحاب وَلَا أُعاب، وَلَا يُرَدُّ قولي. ثمَّ} يَنْسَأُ الشهورَ، وَهَذَا قولُ هِشَامِ بن الكَلْبِيّ، وحَدثني عبدُ الله بن صَالح، عَن أَبي كُناسَةَ، عَن مشايخه قَالُوا: كَانُوا يُحِبُّون أَن يكون يَوْمُ صَدَرِهم عَن الحَجِّ فِي وَقت واحدٍ من السّنة، فَكَانُوا! يَنْتَسِئُونَه، والنَّسِيءُ: التأْخيرُ، فيُؤَخِّرونه فِي كلِّ سنةٍ أَحدَ عشرَ يَوْمًا، فإِذا وقَع فِي عدَّة أَيَّامٍ من ذِي الحجَّة جَعَلُوهُ فِي العامِ المُقْبِل، لزِيَادَة ايحدَ عشرَ يَوْمًا من ذِي الْحجَّة، ثمَّ على تِلْكَ الأَيام، يَفْعَلُونَ كَذَلِك فِي أَيَّام السّنة كُلِّهَا، وكانُوا يُحَرِّمون الشهرينِ اللَّذَيْنِ يَقع فيهمَا الحجُّ والشهْرَ الَّذِي بعدَهما، لِيُوَاطِئُوا فِي النَّسِيءِ بذلك عِدَّة مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَكَانُوا يُحَرِّمون رَجَباً كَيفَ وقعَ