إِن عَيْراً جبلٌ بمكةَ، وَيكون المرادُ أَنه حَرَّمَ من الْمَدِينَة قَدْرَ مَا بَين عَيْرٍ وثَوْرٍ من مكّةَ، أَو حَرَّمَ المدينةَ تَحْرِيمًا مثلَ تَحْرِيم مَا بَين عَيْرٍ وثَوْرٍ بمكةَ، على حذف المُضَاف، ووصْف الْمصدر الْمَحْذُوف (فغيرُ جَيِّدٍ) ، هُوَ جوابُ وأَمّا إِلخ، ثمَّ شَرَعَ المصنِّف فِي بَيَان عِلَّة رَدِّه، وكَوْنه غيرَ جَيِّدٍ، فَقَالَ: (لِمَا أَخْبَرَني) الإِمامُ المحدِّثُ (الشُّجَاعُ) أَبو حَفْصٍ عُمَرُ (البَعْلِيُّ الشيخُ الزّاهدُ، عَن) الإِمام المحدِّث (الْحَافِظ أَبي محمّدٍ عبد السَّلَام) بن محمّد بن مَزْرُوع (البَصْريِّ) الحَنْبَليِّ، مَا نَصّه: (أَن حِذاءَ أُحُدٍ جانِحاً إِلى ورائِه) مِن جِهَة الشَّمَال (جَبَلاً صَغِيرا) مُدَوَّراً إِلى حُمْرة، (يُقَال لَهُ: ثَوْرٌ، و) قد (تَكَرَّرَ سُؤالي عَنهُ طوائفَ) مُخْتَلفَة (من العَرَب، العارفين بِتِلْكَ الأَرض) المُجاورين بالسُّكْنَى، (فكلٌّ أَخبرَني أَنَّ اسمَه ثَوْرٌ) لَا غير، ووجدتُ بخطِّ بعض المحدِّثين، قَالَ: وَجدتُ بخطِّ العَلّامة شمس الدِّين محمّد بن أَبي الْفَتْح بن أَبي الفَضْل بن بَرَكَات الحَنْبَليِّ حاشيَةً على كتاب (مَعَالم السنَن) للخَطّابيّ مَا صُورَتُه: ثَوْرٌ جَبَلٌ صغيرٌ خَلْفَ أُحُد، لكنه نُسِيَ فَلم يَعرِفه إِلّا آحادُ الأَعراب؛ بِدَلِيل مَا حَدَّثَني الشيخُ لإِمامُ العالمُ عَفِيفُ الدِّين عبدُ السَّلَام بن محمّد بن مَزْرُوع البَصريُّ، وَكَانَ مُجَاوراً بِمَدِينَة الرَّسُول صلَّى اللهُ عليْه وسلَّم فوقَ الأَربعينَ سنة، قَالَ: كنتُ إِذا ركبتُ مَعَ العَرَب أَسأَلُهم عمّا أَمُرّ بِهِ من الأَمِكنَة، فمررتُ رَاكِبًا مَعَ قَوم من بني هَيْثَمِ فسأَلتُهُم عَن جَبَلٍ خَلْفَ أُحُد: مَا يُقَال لهاذا الجَبَل؟ فَقَالُوا: يُقَال لَهُ: ثَوْرٌ، فقلتُ: من أَين لكُم هاذا؟ فَقَالُوا: من عَهْد آبَائِنَا وأَجدادنَا، فنزلتُ وصَلَّيتُ عِنْده ركعتَيْن، شُكْراً لله تعالَى. ثمَّ ذَكَر العلَّةَ الثانيةَ فَقَالَ: (ولمَا كَتَبَ إِليَّ) الإِمامُ المحدِّث (الشيخُ عَفيفُ الدِّين) أَبو محمّد عبدُ الله (المَطَرِيُّ) المَدَنيُّ، نَقْلاً (عَن وَالِده الْحَافِظ الثِّقَة) أَبي عبد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute