الْعَزِيز بن الحُصَيْن، كَمَا نَقله شيخُنا عَن الفَتْح، ولاكن يخالِفُه مَا فِي المُفْردات لَهُ بَعْد ذِكرِ مَعْنَى الدَّهْرِ تأْوِيل الحَدِيث بنَحْوٍ من كلامِ الشافعيّ وأَبي عُبَيْد، فليُتَأَمَّل ذالك.
قَالَ شيخُنَا: وكأَنّ المُصَنِّف رَحِمه اللَّهُ قَلَّد فِي ذالك الشَّيْخَ مُحْيِيَ الدِّينِ ابنَ عَرِبيّ قُدِّسَ سِرُّه، فإِنَّه قَالَ فِي الْبَاب الثَّالِث وَالسبْعين من الفتوحات: الدَّهرُ من الأَسماءِ الحُسْنَى، كَمَا وَرَدَ فِي الصّحيح. وَلَا يُتَوَهَّم من هاذا القولِ الزَّمَانُ المعرُوف الَّذِي نَعُدُّه من حَرَكَاتِ الأَفْلَاكِ ونَتَخَيَّل من ذالِك دَرَجَاتِ الفَلَك الَّتِي تَقَطَعها الكواكبُ، ذالِك هُوَ الزَّمَان، وكلامُنا إِنَّمَا هُوَ فِي الاسمِ: الدَّهْرِ، ومَقَاماتِه الَّتِي ظهر عَنْهَا الزمانُ، انْتهى.
ونَقَلَه الشيخُ إِبراهيم الكُورانيّ شَيْخُ مَشايخنا، ومالَ إِلى تَصْحيحه. قَالَ: فالمحقِّقون من أَهل الكَشْف عَدُّوه من أَسماءِ اللَّهِ بهاذا المَعْنَى، وَلَا إِشكَالَ فِيهِ. وتَغْلِيطُ عِيَاض الْقَائِل بأَنه من أَسماءِ الله مَبْنِيٌّ على مَا فَسَّره بِهِ من كَوْنِه مُدَّةَ زَمانِ الدُّنْيَا، وَلَا شكّ أَنه بهاذا المعنَى يُغْلَّط صاحبُه. أَما بالمعنَى اللائقِ كَمَا فَسَّره الشيخُ الأَكبرُ، أَو المُدَبِّر المُصْرِّف، كَمَا فسَّره الراغبُ، فَلَا إِشكالَ فِيهِ، فالتغليط لَيْسَ على إِطْلَاقه.
قَالَ شيخُنَا: وَكَانَ الأَشْياخُ يَتوقَّفُون فِي هاذا الْكَلَام بَعْضَ التَّوَقُّفِ لَمَّا عَرَضْته عَلَيْهِم وَيَقُولُونَ: الإِشارات الكَشْفِيّة لَا يُطلَق القَولُ بهَا فِي تَفْسِر الأَحاديثِ الصَّحِي ٢ ة المَشْهُورة، وَلَا يُخَالَفُ لأَجلها أَقولاُ أَئِمَّةِ الحديثِ المَشَاهِير، وَالله أَعلم.
(و) قيل الدَّهْر: (الزّمانُ) قَلَّ أَو كَثُر، وهما وَاحدٌ، قَالَه شَمِرٌ، وأَنشد:
إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بجُمْلٍ
لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإِحْسَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute