للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(وتَشَكَّرَ لَهُ بَلاءَه، كشَكَرَهُ) ، وتَشَكَّرْتُ لَهُ، مثل شَكَرْتُ لَهُ، وَفِي حديثِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ: (أَنّه كَانَ لَا يَأْكُلُ شُحُومَ الإِبِلِ تَشَكُّراً لِلَّهِ عزَّ وجَلَّ) . أَنشد أَبو عَليَ:

وإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ مَا مَضَى

من الأَمْرِ واسْتِيجَابَ مَا كَانَ فِي الغَدِ

(والشَّكُور) ، كصَبُورٍ: (الكَثِيرُ الشُّكْرِ) والجمعُ شُكُرٌ، وَفِي التَّنْزِيلِ: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (الْإِسْرَاء: ٣) ، وَهُوَ من أَبْنِيَةِ المُبَالغة، وَهُوَ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِي شُكْرِ رَبِّه بطاعَتِه، وأَدائِه مَا وَظَّفَ عَلَيْهِ من عبادَتِه.

وأَما الشَّكُورُ فِي صِفاتِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ فَمَعْنَاه: أَنه يَزْكُو عندَه القَلِيلُ من أَعمالِ العِبَادِ فيُضَاعِفُ لَهُم الجَزَاءَ، وشُكْرُه لِعِبَادِه مَغْفِرَتُه لَهُم.

وَقَالَ شيخُنَا: الشَّكُورُ فِي أَسمائِه هُوَ مُعْطِي الثَّوابِ الجَزِيلِ بالعمَلِ القَلِيلِ؛ لاستِحالة حَقِيقَتِهِ فِيهِ تَعَالَى، أَو الشُّكْرُ فِي حَقِّه تَعَالَى بمَعنَى الرِّضَا، والإِثَابَةُ لازمَةٌ للرِّضا، فَهُوَ مَجَازٌ فِي الرِّضا، ثمَّ تُجُوِّزَ بِهِ إِلى الإِثابَةِ.

وقولُهم: شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَه، بمعنَى أَثَابَهُ.

(و) من المَجاز: الشَّكُورُ: (الدّابَّةُ) يَكفِيها العَلَفُ القَلِيلُ. وَقيل: هِيَ الَّتِي (تَسْمَنُ على قِلَّةِ العَلَفِ) ، كأَنَّها تَشْكُرُ وإِنْ كانَ ذالك الإِحسانُ قَلِيلاً، وشُكْرُهَا ظَهُورُ نَمَائِها وظُهُورُ العَلَفِ فِيهَا، قَالَ الأَعْشَى:

وَلَا بُدَّ من غَزْوَةٍ فِي الرَّبِيعِ

حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورَا

(والشَّكْرُ) ، بالفَتْح (الحِرُ) ، أَي فَرْجُ المَرْأَةِ، (أَو لحْمُهَا) ، أَي لحْمُ فَرْجِهَا، هاكذا فِي النُّسخ، قَالَ شيخُنا: والصوابُ أَو لَحْمُه، سواءٌ رَجَعَ إِلى الشَّكْرِ أَو إِلى الحِرِ، فإِنَّ كلاًّ مِنْهُمَا مُذَكّر، والتأْوِيلُ غيرُ مُحْتَاجٍ إِليه.