للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خَطَبَ احْمَرَّتْ عيناهُ وَعلا صوتُه واشتدَّ غضبُه، كأَنَّه مُنْذِرُ جيشٍ يَقُول صَبَّحَكُم ومسَّاكُم. وتَناذَروا: أَنْذَرَ بعضُهم بَعضاً شَرّاً مَخُوفاً، قَالَ النّابِغةُ يصف أَنَّ النُّعمانَ تَوعَّدَه فباتَ كأَنَّه لَديغٌ يَتَمَلْمَلُ على فِراشِه:

(فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئيلَةٌ ... من الرُّقْشِ فِي أَنيابِها السّمُّ ناقِعُ)

(تَناذَرَها الرَّاقُونَ من سوءِ سمِّها ... تُطَلِّقُه طَوْراً وطَوراً تُراجِعُ)

والنَّذيرُ العُريانُ: رجُلٌ من خَثْعَمَ حَمَلَ عَلَيْهِ يومَ ذِي الخَلَصَة عَوفُ بن عامِرٍ فقطَعَ يدَهُ ويدَ امْرأَتِه. وحَكَى ابنُ برّيّ فِي أَماليه عَن أبي الْقَاسِم الزّجّاجيّ فِي أَماليه، عَن ابْن دُرَيْد قَالَ: سأَلتُ أَبا حاتِمٍ عَن قَوْلهم: أَنا النَّذيرُ العُريانُ فَقَالَ: سمعتُ أَبَا عُبَيدَةَ يَقُول: هُوَ الزُّبير بنُ عَمروٍ الخَثْعَمِيّ، وَكَانَ ناكِحاً فِي بني زُبَيْد، فأَرادَتْ بَنو زُبَيْد أَن يُغيروا على خَثْعَمَ، فخافوا أَنْ يُنْذِرَ قومَه فأَلْقَوا عَلَيْهِ بَراذِعَ وأَهداماً واحتفَظوا بِهِ، فصادَفَ غِرَّةً فحاضَرَهم وكانَ لَا يُجارَى شَدّاً فأَتى قومَه فَقَالَ:)

(أَنا المُنْذِرُ العُريانُ يَنْبِذُ ثوبَه ... إِذا الصِّدْقُ لَا يَنْبِذْ لكَ الثَّوْبَ كاذِبُ)

أَو كُلُّ مُنْذِرٍ بحَقٍّ، وَنقل الأَزْهَرِيّ عَن أبي طالبٍ قَالَ: إنَّما قَالُوا أَنا النَّذيرُ العُريانُ لأَنَّ الرَّجُلَ إِذا رأَى الغارَةَ قد فَجَأَتْهُمْ وأَرادَ إنذارَ قومِه تَجرَّدَ من ثيابِه وأَشارَ بهَا ليُعْلِمَ أَنْ قد فَجِئَتْهُمُ الغارَةُ، ثمَّ صَار مثلا لكلِّ شيءٍ يُخافُ مُفاجأَتُهُ، وَمِنْه قولُ خُفافٍ يصف فرَساً:

(نَمِلٌ إِذا ضُفِزَ اللِّجامَ كأَنَّه ... رجُلٌ يُلَوِّحُ باليدين سَليبُ)

وكأَمير وزُبَيْر ومُحْسِن، ومُناذِرٌ بالضَّمِّ، ومُنَيْذِرٌ مُصَغَّراً: أَسماءٌ. وفاتَه