بزماننا، وَقد روينَا فِي الحَدِيث المسلسل بالترحم أَن السيدة عَائِشَة أُم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: رحم الله لَبِيدًا كَيفَ لَو أدْرك زَمَاننَا هَذَا حِين أنْشد بَين يَديهَا:
(ذَهَبَ الذّين يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجرَبِ)
وأنشدنا غير وَاحِد:
(أمَّا الخِيَامُ فَإِنَّهَا كَخِيَامِهِمْ ... وأَرى نِسَاءَ الحَيِّ غَيْرَ نِسَائِهَا)
نسْأَل الله اللطفَ والستر، إِنَّه وليّ الْإِجَابَة وَالْأَمر (وَلَا) لَهَا (مُجَاوِب) يردُّ لَهَا جوابَهَا (إلاّ الصَّدَى) وَهُوَ الصَّوْت الَّذِي يُسْمَع من أَركان السُّقوف وَالْبَاب إِذا وَقع صِيَاحٌ فِي جوانبها (مَا بَين أعلامِها) أَي علاماتها الكائنة فِيهَا (الدَّوَارِس) أَي الَّتِي عفَتْ آثارها، وَكَأن هَذَا مُبَالغَة فِي الْإِعْرَاض عَن الْعلم وَطَلَبه، بِحَيْثُ لَو قدِّر أَنه رجل طَالب يسأَل من يأْخذه لَا يُلْقَى لَهُ مجاوب وَلَا يُوجَد لَهُ دَاع وَلَا مُجيب، وَفِي الْفَقْرَة الْتِزَام مَا لَا يلْزم، وَزَاد فِي الأَصْل بعد هَذِه الْعبارَة إِن اخْتلف إِلَى الْفُقَهَاء مُحَصل بِيَدِهِ التَّعْلِيق فمسبّب الدِّيوَان وحامل البروات، أَو ألزم الْحجَّة بطرِيق التَّوْجِيه معاند فمستخرج مَال القسمات، يَقع الْخلاف وَلَا منع إِلَّا عَن الْحق الصَّرِيح، وَلَا مُطَالبَة إِلَّا بِالْمَالِ الجسيم، وَلَا مصادرة على الْمَطْلُوب إِلَّا بِضَرْب يضْطَر مَعَه إِلَى التَّسْلِيم. إِلَى آخر مَا قَالَ (لَكِن) اسْتِدْرَاك على الْكَلَام السَّابِق، وَعبارَة الأَصْل: وَلَو شِئْت لقلْت أَسْأَرَت شِفاه اللَّيَالِي من الْقَوْم بَقَايا، وأخلفت بواسقُ النّخل ودَايَا، بلَى (لم يَتَصَوَّحْ) أَي لم يتشقق وَلم يَجِفَّ، وَصَاح النبت وصَوّح وتَصَوّح: يَبِس وجَفَّ، وَظَهَرت فِيهِ الشقوق (فِي عَصْفِ) بِفَتْح فَسُكُون أَي هبّ (تِلْكَ البَوَارِح) وَهِي الرِّيَاح الشَّدِيدَة الحارّة الَّتِي تهبّ بِشدَّة فِي الصَّيف، وَالْمرَاد بهَا تِلْكَ الْحَوَادِث والمصائب (نَبْتُ تِلْكَ الأبَاطِح) عبارَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute