للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(والمُهْدِي) أَي وكالمقدِّم (إِلَى خُضَارَةَ) بِالضَّمِّ اسْم عَلَمٍ على الْبَحْر، مُنع من الصرفَ للتأْنيث والعلمِيَّة (أقَلَّ مَا يكون من أنداءِ المَاء) جمع نَدًى، وَهُوَ الطَّلُّ يكون على أَطْرَاف أوراق الشّجر صباحاً، وَهُوَ مُبَالغَة فِي حَقارَة هَذِه الهديَّة وَإِن عظمت بِالنِّسْبَةِ إِلَى المهدَى لَهُ. وَفِي القوافي الِالْتِزَام وَالْمُبَالغَة (وَهَا أَنا أقولُ) قَالَ شَيخنَا الْمَعْرُوف بَين أهل الْعَرَبيَّة أَن هَا الْمَوْضُوعَة للتّنْبِيه لَا تدخل على ضمير الرّفْع الْمُنْفَصِل الْوَاقِع مُبْتَدأ إِلَّا إِذا أخبر عَنهُ باسم إِشَارَة، نَحْو {هَا أَنْتُم أولاء} {هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ} فَأَما إِذا كَانَ الْخَبَر غير إِشَارَة فَلَا، وَقد ارْتَكَبهُ المُصَنّف غافلاً عَن شَرطه، وَالْعجب أَنه اشْترط ذَلِك فِي آخر كِتَابه لما تكلّم على " هَا " وارتكبه هَا هُنَا، وَكَأَنَّهُ قلد فِي ذَلِك شَيْخه العلَاّمة جمال الدّين بن هِشام، فَإِنَّهُ فِي مُغني اللبيب ذكرهَا ومعانيها واستعمالها، على مَا حَقَّقَهُ النحويون، وعَدَل عَن ذَلِك فاستعملها فِي كَلَامه فِي الْخطْبَة مثل المُصَنّف فَقَالَ: وَهَا أَنا بائح بِمَا أَسرَرْته، انْتهى (إِن احتَملَه مني) أَي حمله وَقَبله (اعْتناءً) أَي اهتماماً بشأْنه أَو قَبِلَه حَالَة كَونه مُعتنياً بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ، مَعَ حقارته بِالنِّسْبَةِ لما عِنْده من الذَّخَائِر العِظام، وَفِي التَّعْبِير بِالِاحْتِمَالِ إيماءٌ إِلَى كَمَال حلمه (فالزَّبَدُ) محرّكةً: مَا يَعْلُو الْبَحْر وَغَيره من الرغوة (وَإِن ذَهَب جُفاءً) بِالضَّمِّ، يُقَال جَفَأَ الْوَادي وأَجفَأَ إِذا أَلقى غُثاءَه (يَركَبُ) يعلى (غَاربَ) كَاهِل (البَحْر) أَي ثَبَجه (اعتلاءً) مفعول مُطلق أَو حَال من الْفَاعِل أَي حَالَة كَونه معتلياً (ومَا أَخَاف على الفُلْكِ) أَي السَّفِينَة (انكفاءً) انقلاباً (وَقد هَبَّتْ) تَحرَّكت ومَرَّت (رياحُ عِنايته) اهتمامه وتوجُّهه (كَمَا اشتَهت السُّفُنُ) أَي اشتاقت وتوجَّهت ريحًا (رُخَاء) بِالضَّمِّ، وَهِي الليِّنة الطيِّبة، عبَّر عَن كِتَابه بالفلك، لما فِيهِ من بضائع الْعُلُوم، وقدَّمه هديَّةً لهَذَا الممدوح، وعبرَّ بالانكفاء عَن الردّ وَعدم القَبُول، وَالْمرَاد أَنه لَا يخَاف على هَدِيَّته أَن تنْقَلب إِلَيْهِ، لكَمَال حلم المهدَى لَهُ، وَهُوَ الممدوح، فَهُوَ بحرٌ،